الاستقاء والله أعلم، انتهى ما أردناه من الكلام على حديث جابر.
ونرجع إلى ذكر صفة الحج والعمرة وما يتعلق بذلك، فنقول: يستحب لمتمتع حل من عمرته ولغيره من المحلين بمكة وقربها الإحرام بالحج يوم التروية لقول جابر في صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم (فحل الناس كلهم وقصروا إلا النبي صلى الله عليه وسلم ومن كان معه هدي، فلما كان يوم التروية توجهوا إلى منى فأهلوا بالحج) ويوم التروية ثامن ذي الحجة، قال ابن رسلان: اعلم أن أيام المناسك سبعة: أولها سابع ذي الحجة وآخرها ثالث عشر. فالسابع ذكر مكي بن أبي طالب في باب عمل الحج أن اسمه يوم الزينة لأنهم كانوا يزينون محاملهم وهوادجهم للخروج، وأما يوم الثامن فاسمه يوم التروية بالتاء المثناة فوق، وسمي بذلك لترويهم فيه الماء، وسمي يوم النقلة لانتقالهم فيه من مكة إلى منى، والتاسع يوم عرفة، والعاشر يوم النحر، والحادي عشر يوم القر بفتح القاف وتشديد الراء، لأنهم قارون فيه بمنى، والثاني عشر يوم النفر الأول بفتح النون وسكون الفاء، والثالث عشر يوم النفر الثاني انتهى؛ قال الأصحاب: وسمي الثامن يوم التروية لأنهم كانوا يتروون فيه الماء لما بعده، أو لأن إبراهيم عليه السلام رأى ليلة الثامن في المنام ذبح ابنه إسماعيل فأصبح يتروى في أمر الرؤيا ويفكر أهو حلم أم من الله تعالى؟ فلما كان ليلة عرفة رأى ذلك أيضاً فعرف أنه من الله فسمي يوم عرفة، قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: لأن تلك الأماكن لم تكن فيها إذ ذاك آبار وعيون، وأما الآن فقد كثرت جداً واستغنوا عن حمل الماء انتهى، ويسمى يوم الثاني عشر أيضاً بيوم الرؤوس كما يأتي:
(فائدة) : عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: إذا رأيت الماء بطريق مكة ورأيت البناء يعلو أخاشبها فخذ حذرك، وفي رواية: فإن الأمر قد أظلك انتهى، ومحل استحباب الإحرام بالحج يوم التروية لمن ذكرنا هو في حق غير