للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

الحديث المذكور، ولا يصح الوقوف من مجنون ومغمى عليه وسكران وفاقاً للشافعي لعدم عقله إلا أن يفيقوا وهم بعرفات قبل خروج وقت الوقوف، وكذا لو أفاقوا بعد الدفع منها وعادوا فوقفوا بها في وقت الوقوف. وقال مالك وأصحاب الرأي في المغمى عليه يجزئه، ومن فاته الوقوف بعرفة قبل طلوع فجر يوم النحر فاته الحج لحديث جابر، ويستحب أن يقف طاهراً من الحدثين ومن نجاسة ببدنه وثوبه كسائر المناسك، ويصح وقوف الحائض إجماعاً ووقفت عائشة الصديقة بنت الصديق رضي الله عنهما حائضاً بأمر النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يشترط للوقوف طهارة ولا سترة ولا استقبال القبلة ولا نية، لكن كشف العورة محرّم وعكس الوقوف إحرام وطواف وسعي، لا يصير من حصل بالميقات محرماً بلا نية لأن الإحرام هو النية كما سبق، وكذا الطواف والسعي لا يصحان بلا نية وتقدم.

ويجب أن يجمع في الوقوف بين الليل والنهار من وقف نهاراً لفعله صلى الله عليه وسلم مع قوله (خذوا عني مناسككم) فإن دفع من عرفة قبل غروب الشمس فعليه دم كدم متعة وهو ذبح شاة، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع لأنه ترك واجباً وهو الوقوف في جزء من أجزاء الليل، ولا يفسد الحج بتركه أشبه ترك الإحرام من الميقات، وصيام ثلاثة الأيام في الحج في هذه الصورة يتعين عنها صيام ثلاثة أيام التشريق لأنه لم يبق من أيام الحج سواها والله أعلم. وإن عاد إلى عرفة قبل الغروب ووقع الغروب وهو بها فلا دم عليه، لأنه أتى بالواجب وهو الجمع بين الليل والنهار في الوقوف، قال الشيخ سليمان بن علي في منسكه: ويجب أن يجمع في الوقوف بين الليل والنهار من وقف نهاراً، فإن دفع قبل الغروب فعليه دم إن لم يعد قبله ويقع الغروب وهو بها، قال في الشرح الكبير: لأنه عليه الوقوف حال الغروب وقد فاته بخروجه فأشبه من تجاوز الميقات غير محرم فأحرم دونه ثم عاد إليه انتهى. قال في الإنصاف: ومن وقف بعرفة نهاراً ودفع قبل غروب الشمس فعليه دم، هذا المذهب، ثم قال تنبيه محل وجوب الدم إذا لم يعد إلى الموقف قبل الغروب هذا الصحيح من المذهب جزم به في المغني والشرح والوجير، وغيرها وقدمه في الفروع وغيره، وقال في الإيضاح لأبي الفرج الشيرازي ولم يعد إلى الموقف قبل الفجر وقاله ابن عقيل في مفرداته، فإن عاد إلى الموقف قبل الغروب أو قبل الفجر عند من يقول به فلا دم عليه على الصحيح من المذهب وعليه أكثرهم جزم به في الوجيز وغيره وقدمه في الفروع وقيل عليه دم مطلقاً. وفي الواضح وشرح المنتهى: لو عاد إليه قبل الفجر فلا دم عليه لأنه أتى بالواجب وهو الوقوف في الليل والنهار فلم يجب عليه دم كمن تجاوز

<<  <  ج: ص:  >  >>