للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

بعدما حكى كلام الموفق المتقدم قلت: لم يرفع كلام أبي محمد الإشكال وإن كان الذي أنكره هو الحق كما أنكره، والصواب في إنكاره، فإن أحداً لم يقل إن الصحابة لما رجعوا من عرفة طافوا للقدوم وسعوا ثم طافوا للإفاضة بعده ولا النبي صلى الله عليه وسلم هذا لم يقطع قطعاً، ولكن كان منشأ الإشكال أن أم المؤمنين فرقت بين المتمتع والقارن فأخبرت أن القارنين طافوا طوافاً واحداً وأن الذين أهلوا بالعمرة طافوا طوافاً آخر بعد أن رجعوا من منى لحجهم وهذا غير طواف الزيارة قطعاً فإنه يشترك فيه القارن والتمتع فلا فرق بينهما فيه، ولكن الشيخ أبو محمد لما رأى قولها في المتمتعين أنهم طافوا طوافاً آخر بعد أن رجعوا من منى، قال لبس في هذا ما يدل على أنهم طافوا طوافين، والذي قاله حق ولكن لم يرفع الإشكال، فقالت طائفة هذه الزيادة من كلام عروة أو ابنه هشام أدرجت في الحديث وهذا لا يتبين ولو كان فغايته أنه مرسل ولم يرتفع الإشكال عنه بالإرسال، فالصواب أن الطواف الذي أخبرت به عائشة وفرقت به بين المتمتع والقارن هو الطواف بين الصفا والمروة لا الطواف بالبيت وزال الإشكال جملة، فأخبرت عن القارنين أنهم اكتفوا بطواف واحد بينهما لم يضيفوا إليه طوافاً آخر يوم النحر وهذا هو الحق، وأخبرت عن المتمتعين أنهم طافوا بينهما طوافاً آخر بعد الرجوع من منى للحج وذلك الأول كان للعمرة وهذا قول الجمهور، وتنزيل الحديث على هذا موافق لحديثها الآخر، وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم: (يسعك طوافك بالبيت وبين الصفا والمروة لحجك وعمرتك) وكانت قارنة ويوافق قول الجمهور، ولكن يشكل عليه حديث جابر الذي رواه مسلم في صحيحه (لم يطف النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه بين الصفا والمروة إلا طوافاً واحداً) طوافه

<<  <  ج: ص:  >  >>