للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

شيخه سيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى. قلت: وفي صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه قال: (خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مهلين بالحج معنا النساء والولدان فلما قدمنا مكة طفنا بالبيت وبالصفا والمروة فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: من لم يكن معه هدي فليحلل، قال: قلنا أي الحل؟ قال: الحل كله، قال: فأتينا النساء، ولبسنا الثياب ومسسنا الطيب، فلما كان يوم التروية أهللنا بالحج وكفانا الطواف الأول بين الصفا والمروة فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نشترك في الإبل والبقر كل سبعة منا في بدنة) فهذا الحديث يدل دلالة واضحة على أن المتمتع يكفيه سعي واحد لعمرته وحجه بين الصفا والمروة، ولقد أوّل النووي هذا الحديث وصرفه عن ظاهره حيث قال في شرح مسلم على هذا الحديث: قوله وكفانا الطواف الأول بين الصفا والمروة يعني القارن منا وأما المتمتع فلا بد له من السعي بين الصفا والمروة في الحج بعد رجوعه من عرفات وبعد طواف الإفاضة انتهى كلام النووي.

قلت: هذا صرف للحديث عن ظاهره الذي لا يحتمل التأويل، لأن قوله في الحديث (فأتينا النساء، ولبسنا الثياب، ومسسنا الطيب فلما كان يوم التروية أهللنا بالحج وكفانا الطواف الأول بين الصفا والمروة) صريح واضح في أنهم حلوا من إحرام العمر فإنهم أهلوا أولاً بالحج مفردين له ثم بعد طوافهم بالبيت وبين الصفا والمروة أمر صلى الله عليه وسلم من لم يكن معهد هدي منهم بفسخ الحج إلى العمر فسمعوا وأطاعوا وفسخوا حجهم فصار حكمهم بعد الفسخ حكم المتمتع ابتداء، ولو كانوا قارنين كما جنح إليه النووي ما أتوا النساء ولا لبسوا الثياب ولا مسوا الطيب، لأن القارنين يثبتون على إحرامهم كالمفردين ولا يحلون إلا يوم النحر، إذا تقرر ذلك فإن هذا الحديث صريح في أن المتمتع يكفيه السعي لعمرته وأنه

<<  <  ج: ص:  >  >>