للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

ودّع البيت انتهى، قال ابن القيم: ونفر صلى الله عليه وسلم من منى في حجته يوم الثلاثاء بعد الظهر إلى المحصب وهو الأبطح وهو خيف بني كنانة فوجد أبا رافع قد ضرب فيه قبته هنالك وكان على ثقله توفيقاً من الله عز وجل دون أن يأمره به رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء ورقد رقدة ثم نهض إلى مكة فطاف للوداع ليلا سحراً ولم يرمل في هذا الطواف، ثم خرج من أسفلها إلى المدينة ولم يرجع إلى المحصب، وفي الصحيحين عن عائشة (خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم) وذكرت الحديث، قالت: (حين قضى الله الحج ونفرنا من منى فنزلنا بالمحصب دعا عبد الرحمن بن أبي بكر فقال له اخرج بأختك من الحرم ثم افرغا من طوافكما ثم ائتياني هاهنا بالمحصب، قالت: فقضى الله العمرة وفرغنا من طوافنا في جوف الليل، فأتيناه بالمحصب، فقال فرغتما؟ قلنا نعم، فأذن في الناس بالرحيل فمر بالبيت فطاف به، ثم ارتحل متوجهاً إلى المدينة) فهذا من أصح حديث على وجه الأرض.

وقد اختلف السلف في التحصيب هل هو سنة أو منزل اتفاق على قولين، فقالت طائفة: هو من سنن الحج، فإن في الصحيحين عن أبي هريرة (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال حين أراد أن ينفر من منى: نحن نازلون غداً إن شاء الله بخيف بني كنانة حيث تقاسموا على الكفر) يعني بذلك المحصب، وذلك أن قريشاً وبني كنانة تقاسموا على بني هاشم وبني المطلب أن لا يناكحوهم ولا يكون بينهم شيء حتى يسلموا إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقصد النبي صلى الله عليه وسلم إظهار شعائر الإسلام في المكان الذي أظهروا فيه شعائر الكفر والعداوة لله ورسوله، وهذه كانت عادته صلاة الله وسلامه عليه أن يقيم شعائر التوحيد في مواضع شعائر الكفر والشرك، كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يبنى مسجد الطائف موضع اللات،

<<  <  ج: ص:  >  >>