للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

ترمى بالجمار، قال جرير:

كأن في الخدِّ قرنَ الشمس طالعة ... لما دَنَى من جمار الناس تحصيب.

أراد يوم منى وحصب الجمار رميها، وهذا أظهر من معنى البيت المذكور، والله أعلم.

قال الشيخ سليمان بن علي في منسكه: ويسن إذا نزل من منى نزوله بالأبطح وهو المحصب، وحدُّه ما بين الجبلين إلى المقبرة فيصلي به الظهرين والعشائين ويهج يسيراً ثم يدخل مكة، كذا ذكر في الإقناع والمنتهى وشرحه وغيرهم، فدلَّ هذا على أن الأبطح ليس من مكة: فلو أقام به من ودَّع أو اتجر لم تجب عليه إعادة الوداع، لأنها إقامة كمن خرج من مكة إلى بعض بقاع الحرم؛ ويؤيد ذلك ما في المغني قال: وإن أحرم خارجاً منها (أي مكة) من الحرم جاز لقول جاب: (فأهللنا من الأبطح) انتهى. إذا تقرر هذا فالأبطح ليس من مكة انتهى كلام الشيخ سليمان. قلت: الظاهر والله أعلم أنه لم يكن في زمن الشيخ سليمان بنيان بالأبطح ولم تصل دور مكة إليه، وأما في زمننا هذا فقد جاوز العمران الأبطح فصار الأبطح بذلك من مكة لاتصال دور مكة به ومجاوزتها له، وأما ما ذكره صاحب المغني من قوله: وإن أحرم خارجاً منها: أي مكة من الحرم إلخ، فذلك كان في وقته حيث لم يصل العمران إلى الأبطح، فعلى هذا من ودع البيت ثم أقام بالأبطح أو اتجر فيه لزمه إعادة الوداع لأن الحكم يدور مع علته وجوداً وعدما، هذا ما ظهر لي، والله أعلم.

تتمة: قال بعضهم: اعلم أن منى بها خمس خصال: إحداها أن ما قبل من حصا الجمار يرفع كما تقدم، ذكر ذلك عن السلف. الثانية اتساعها للحجيج مع ضيقها في الأعين. الثالثة كون الحدأة لا تخطف منها اللحم. الرابعة كون

<<  <  ج: ص:  >  >>