للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

المتقدم فإنه صلى الله عليه وسلم لم يأمرها بفدية إلا أن تطهر الحائض والنفساء قبل مفارقة بنيان مكة فيلزمهما العود ويغتسلان للحيض والنفاس لأنهما في حكم المقيم بدليل أنهما لا يستبيحان الرخص قبل مفارقة البنيان ثم يودّعان، فإن لم تعودا للوداع مع طهرهما قبل مفارقة البنيان ولو لعذر فعليهما دم لتركهما نسكاً واجباً، فأما إن فارقت الحائض والنفساء البنياء قبل طهرهما لم يجب عليهما الرجوع لخروجهما عن حكم الحاضر. فإن قيل فلم لا يجب الرجوع عليهما مع القرب كما يجب على الخارج لغير عذر؟ قلنا: هناك ترك واجباً فلم يسقط بخروجه مع القرب كما تقدم تفصيله وهاهنا لم يكون واجباً عليهما ولا يثبت وجوبه ابتداء إلا في حق من كان مقيما وهما حين الإقامة لا يجب عليهما لحصول الحيض والنفاس والله أعلم.

وأما المعذور غير الحائض والنفساء كالمريض ونحوه فعليه دم إذا ترك طواف الوداع لأن الواجب لا يسقط جبرانه بالعذر وتقدم.

فائدة: لا يصح أن يستنيب في طواف الوداع إذا كان حجه فرضاً بل يطاف به راكباً على نحو كرسي أو محمولاً، فإن لم يفعل فعليه دم، أما إن كان حجه نفلاً فله الاستنابة فيه ولو كان لغير عذر كطواف الإفاضة وأولى، والله أعلم، وتقدم ذلك في فصل الاستنابة في الحج والعمرة.

تنبيه: الدم الذي يجب على من ترك طواف الوداع كدم التمتع فإذا لم يجد صام عشرة أيام والله أعلم، فإذا فرغ من الوداع واستلم الحجر وقبّله وقف في الملتزم وهو ما بين الركن الذي به الحجر الأسود وباب الكعبة وقدره أربعة أذرع تقريباً فيلتزم الملتزم ملصقاً به صدره ووجهه وبطنه ويبسط يديه عليه ويجعل يمينه نحو الباب ويساره نحو الحجر الأسود، لما روى عمرو بن شعيب عن أبيه قال: (طفت مع عبد الله بن عمرو بن العاص فلما جاء دبر الكعبة قلت ألا تتعوذ؟

<<  <  ج: ص:  >  >>