في صحيحه وفي رواية للبخاري بسنده إلى عكرمة قال: قال ابن عباس رضي الله عنهما: قد أحصر رسول الله صلى الله عليه وسلم فحلق رأسه وجامع نساءه ونحر هديه حتى اعتمر عاملاً قابلاً، والعطف بالواو في هذا الحديث إنما هو لمطلق الجمع، ولا يدل على الترتيب لأن المحصر يقدم النحر على الحلق لما تقدم من قوله صلى الله عليه وسلم:(فانحروا ثم احلقوا) والله أعلم، وترجم المجد في المنتقى في هذا الباب بقوله: باب تحلل المحصر عن العمرة بالنحر ثم الحلق حيث أحصر من حل أو حرم وأنه لا قضاء عليه انتهى، قال في تصحيح الفروع: اختلف الأصحاب في الحلق والتقصير للمحصر فقيل فيه روايتان مبنيتان على أنه هل هو نسك أو إطلاق من محظور؟ وهذه الطريقة جزم بها في الكافي وقدم في الرعاية الكبرى الوجوب، واختاره القاضي في التعليق وغيره إلى أن قال فعلى هذه الطريقة يجب عليه الحلق أو التقصير على الصحيح لأن الصحيح من المذهب أنه نسك فكذا يكون هنا وتمامه فيه.
قلت: صريح السنة يدل على وجوب الحلق أو التقصير على المحصر والله أعلم، فإن أمكن المحصر الوصول إلى الحرم من طريق أخرى غير التي أحصر فيها لم يبح له التحلل لقدرته على الوصول إلى الحرم فليس بمحصر ولزمه ليتم نسكه لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب بعدت الطريق أو قربت، خشي فوات الحج أو لم يخش، قال في المغني: فإن كان محرماً بعمرة لم يفت وإن كان بحج ففاته تحلل بعمرة وكذا لو لم يتحلل المحصر حتى خلى عنه لزمه السعي وإن كان بعد فوات الحج يتحلل بعمرة، ثم هل يلزمه القضاء إن فاته الحج؟ فيه روايتان: إحداهما يلزمه كمن فاته بخطأ الطريق، والثانية لا يجب لأن سبب الفوات الحصر أشبه من لم يجد طريقاً أخرى بخلاف المخطئ فأما من لم يجد طريقاً أخرى فتحلل فلا قضاء عليه إلا أن يكون واجباً يفعله