بالفساد فلم يخرج منها برفضها بخلاف سائر العبادات ولم يلزمه دم لرفضه لأنه مجرد نية، قال في الإنصاف: وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب ومشى عليه في المنتهى وشرحه، وقيل يلزمه وذكره في الترغيب وغيره وقدمه في الفروع، وحكم إحرامه باق لأن التحلل من الحج لا يحصل إلا بأحد ثلاثة أشياء: إما بكمال أفعاله أو التحلل منه عند الحصر أو بالعذر إذا شرط في ابتداء إحرامه أن محلي حيث حبستني، فإن فعل محظوراً بعد رفضه إحرامه فعليه فداؤه لبقاء إحرامه انتهى كلام الإقناع وشرحه، قال في المنتهى وشرحه في باب الفدية: ويفدي من رفض إحرامه ثم فعل محظوراً للمحظور لأن التحلل من الإحرام إما بكمال النسك أو عند الحصر أو بالعذر إذا شرط، وما عداها ليس له التحلل به ولا يفسد الإحرام برفضه كما لا يخرج منه بفساده فإحرامه باق وتلزمه أحكامه ولا شيء عليه لرفض الإحرام لأنه مجرد نية لم يؤثر شيئاً، وقدم في الفروع يلزمه له دم انتهى كلام المنتهى وشرحه، قال الخرقي: فإن قال أنا أرفض إحرامي وأحل فلبس الثياب وذبح الصيد وعمل ما يعمله الحلال كان عليه في كل فعل فعله دم، وإن كان وطئ فعليه للوطء
بدنة ما يجب عليه من الدماء انتهى. قال في المغني: وجملة ذلك أن التحلل من الحج لا يحصل إلا بأحد ثلاثة أشياء: إكمال أفعاله أو التحلل عند الحصر أو بالعذر إذا شرط، وما عدا هذا فليس له أن يتحلل به فإن نوى التحلل لم يحل ولا يفسد الإحرام برفضه لأنه عبادة لا يخرج منها بالفساد فلا يخرج منها برفضها بخلاف سائر العبادات، ويكون الإحرام باقياً في حقه تلزمه أحكامه ويلزمه جزاء كل جناية جناها عليه، وإن وطئ أفسد حجه وعليه لذلك بدنة مع ما وجب عليه من الدماء، سواء كان الوطء قبل الجنايات أو بعدها، فإن الجناية على الإحرام الفاسد توجب الجزاء كالجنابة على الصحيح وليس عليه لرفضه الإحرام شيء لأنه مجرد نية لم تؤثر شيئاً انتهى ومثله في الشرح.
تنبيه: قد تناقض كلام صاحب المنتهى والإقناع في هذه المسألة حيث
أوجبا في باب المحصر على من رفض إحرامه دما للرفض، ونفيا في باب الفدية عنه وجوب الدم مع اتفاقهما في البابين على وجوب الدم لكل محظور فعله بعد الرفض وعلى عدم فساد الإحرام بالرفض، فلذا قال الشيخ عثمان بن قائد: لعل ما تقدم (يعني في باب الفدية) في غير المحصر وهذا في المحصر فلا تناقض فليحرر انتهى كلامه. قال في شرح الغاية: وما جزم به في شرح المنتهى فيما سبق أنه لا شيء عليه لرفضه الإحرام فهو في غير المحصر لإلغاء رفضه ولزوم أفعال الحج وهذا في المحصر الممنوع من تتميم أفعال الحج، فإذا عدل عن الواجب عليه من هدي أو صوم لزمه دم انتهى، فكلام شارح الغاية يوافق ما ذكره الشيخ عثمان قال في الإقناع وشرحه: ولا قضاء على محصر إن كان حجه نفلا لظاهر الآية، وذكر في الإنصاف أنه المذهب، وقيده في المستوعب والمنتهى بما إذا تحلل قبل فوات الحج، ومفهومهما أنه لو تحلل بعد فوات الحج يلزمه القضاء وهو إحدى روايتين أطلقهما في الشرح وغيره وهو ظاهر كلامه أول الباب انتهى. قال في المنتهى: ولا قضاء على من (أي محصر) تحلل قبل فوات الحج، ومثله من جُن أو أغمي عليه قال منصور في شرحه: وعلم منه أنه لو لم