للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فالأول: يمتنع حذف حرف النداء معه، وهو المندوب نحو: "وا زيداه", والمضمر نحو: "يا أنت ويا إياك", والمستغاث نحو: "يا لزيد".

فإن قلت: ما سبب "منع"١ الحذف مع هذه الثلاثة؟

قلت: أما المندوب والمستغاث؛ فلأن المطلوب فيهما مد الصوت، والحذف ينافيه. وأما المضمر فلأن الحذف معه تفوت به الدلالة على النداء.

تنبيه:

فهم من كلامه جواز نداء المضمر، وفيه تفصيل.

فإن كان لمتكلم أو غائب لم يجز، لا يقال: "يا أنا", ولا "يا هو", و"إن كان"٢ لمخاطب ففيه خلاف. قال في الارتشاف: والصحيح المنع. انتهى.

وقد سمع ما ظاهره نداء المضمر بصيغة النصب كقوله: "يا إياك قد كفيتُكَ"٣ وهو القياس، وبصيغة الرفع كقوله٤:


١ أ.
٢ أ، جـ.
٣ قيل: إن الأحوص اليربوعي وفد مع ابنه على معاوية، فقام الأب فخطب، فلما انتهى قام الابن ليخطب، فقال له الأب ذلك, أي: قد أغنيتك عن القول.
٤ قائله: هو الأحوص اليربوعي، قاله العيني، وصوب أنه لسالم بن دارة في مُرّ بن واقع, وتمامه:
أنت الذي طلَّقت عام جُعْتَا
وهو من الرجز.
اللغة: "الأبجر" المنتفخ البطن, "طلقت" فارقت حلائلك, "عام جعتا" أي: في الوقت الذي وقعت فيه المجاعة.
المعنى: يذم المخاطب بأنه عظيم البطن وابن عظيمها، ويقول: أنت الذي فارقت زوجاتك حين لم تجد ما تسد به رمقك وتملأ به بطنك، وأبيت السعي لجلب رزقهن.
الإعراب: "يا" للنداء, "أبجر" منادى مبني على الضم, "ابن" صفة, "أبجر" مضاف إليه, وكان حق أبجر الجر بالفتحة لوزن الفعل ولكنه صرف للضرورة, "يا" للنداء, "أنتا" منادى مبني على ضم مقدر منع منه حركة البناء الأصلي، والألف للإطلاق.
الشاهد فيه: "يا أنتا", حيث نادى الضمير الذي في موضع الرفع.
مواضعه: ذكره من شراح الألفية: الأشموني ٤٤٣/ ٢, وابن هشام ٢٢٠/ ٣.
وذكره ابن يعيش ١٢٧/ ١، والسيوطي في الهمع ١٧٤/ ١، والشاهد ١٠٥ في الخزانة.

<<  <  ج: ص:  >  >>