للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الضمير]

ثم شرع في الكلام على أن أعرف المعارف وهو المضمر. فقال:

فما الذي غيبة او حضور ... كأنت وهو سم بالضمير

الضمير: هو الموضوع لتعيين مسماه مشعرا بتكلمه أو خطابه أو غيبته، وهذا هو المراد بقوله: "فما الذي غيبة أو حضور" أي: فما وضع لمسمى ذي غيبة أو حضور. "والحضور"١ يشتمل للمتكلم والخطاب، لكن فيه إيهام إدخال اسم الإشارة.

وأجاب الشارح بأن إفراد اسم الإشارة بالذكر يرفع الإيهام٢ ومثل الحاضر: "بأنت" والغائب "بهو".

وقوله "سم بالضمير" هذا هو اصطلاح البصريين يسمى عندهم بالضمير والمضمر، والكوفيون يسمونه الكناية والمكنى.

والضمير قسمان: متصل ومنفصل، والمتصل قسمان: بارز ومستتر. هذا تقسيم الجمهور.

وأما المصنف فقسمه أولا إلى بارز ومستتر, فالبارز ما له صورة في اللفظ، والمستتر ضده، والبارز قسمان: متصل ومنفصل.

ولما كان المتصل هو الأصل، لكونه أخصر قدمه على المنفصل فقال:

وذو اتصال منه ما لا يبتدا ... ولا يلي إلا اختيارا أبدا

أي: الضمير المتصل هو الذي لا يصح وقوعه أول الكلام ولا بعد "إلا" في الاختيار.

والمنفصل بخلافه، أي: يصح وقوعه أول الكلام وبعد "إلا" في الاختيار، وسيأتي تمثيل النوعين:

واحترز بقوله: "اختيارا" من وقوع المتصل بعد "إلا" في ضرورة الشعر، كقول الشاعر:

وما نبالي إذا ما كنت جارتنا ... ألا يجاورنا إلاك ديار٣


١ أ، ب.
٢ راجع الشارح ص٢١.
٣ قال العيني ج١ ص٢٥٣ في شرح الشواهد: هذا البيت أنشده الفراء ولم ينسبه إلى أحد، وبحثت فلم أعثر على قائله. وهو من البسيط.
الشرح: "وما نبالي" وما نكترث ولا نهتم، وأكثر ما يستعمل هذا بعد النفي، "جارتنا" تأنيث الجار، "ألا يجاورنا" جاء فيه علا يجاورنا بإبدال الهمزة عينا، "إلاك" أي: إلا إياك، "ديار" وكلاهما لا يستعمل إلا بعد النفي "وما" الأولى نافية والثانية زائدة.
ويروى: "وما علينا إذا ما كنت ... " ويروى: "ألا يجاورنا سواك ديار".
المعنى: إذا كنت أيتها المحبوبة جارتنا لا نبالي ألا يجاورنا أحد غيرك ففيك الكفاية، وحاصلة: أنت المطلوبة فإذا حصلت فلا التفات إلى غيرك. =

<<  <  ج: ص:  >  >>