للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[التحذير والإغراء]

إياك والشرَّ ونحوَه نَصَبْ ... مُحذِّرٌ بما استتارُه وَجَبْ

إنما ذكر التحذير والإغراء بعد باب النداء؛ لأن الاسم في التحذير والإغراء مفعول به بفعل لا يجوز إظهاره كالمنادى، على تفصيل سيأتي.

والتحذير: هو تنبيه المخاطب على مكروه يجب الاحتراز منه، ويكون بثلاثة أشياء: بإياك وأخواته، وبما ناب عنها من الأسماء المضافة إلى ضمير المخاطب، وبذكر المحذر منه.

فإن كان بإياك وأخواته وجب إضمار ناصبه مطلقا، أعني في إفراده وتكراره والعطف عليه، وقد مثل العطف "عليه"١ بقوله: "إياك والشر" فإياك مفعول بفعل واجب الإضمار تقديره: اتق، ونحوه.

فإن قلت: هل يقدر قبل إياك أو بعده؟

قلت: قيل: يجب تقديره بعده؛ لأنه لو قدر قبله لاتصل به فيلزم تعدي فعل المضمر المتصل إلى ضميره المتصل، وذلك خاص بأفعال القلوب وما ألحق بها.

وقيل: كان الأصل: اتقِ نفسك، فلما حذف الفعل استغني عن النفس وانفصل الضمير.

واختلف في إعراب ما بعد الواو. فقيل: هو معطوف على إياك، والتقدير: اتقِ نفسك أن تدنو من الشر والشر أن يدنو منك. "وهذا"٢ مذهب كثير منهم السيرافي واختاره ابن عصفور.

فإن قلت: كيف جاز عطفه على إياك وهما مختلفان في الحكم؛ لأن الأول محذر والثاني محذر منه؟


١ أ، ج.
٢ أوفي ب، ج "وهو".

<<  <  ج: ص:  >  >>