للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تنوين صرف؛ لأن الياء لما حذفت تخفيفا زالت صيغة مفاعل، وبقي اللفظ كجناح فانصرف، والصحيح مذهب سيبويه.

وأما جعله عوضا عن الحركة فضعيف؛ لأنه لو كان عوضا عن الحركة لكان ذو الألف أولى به من ذي الياء؛ لأن حاجة المتعذر إلى التعويض أشد ولألحق مع الألف واللام كما أحلق معهما تنوين الترنم.

وأما كونه للصرف فضعيف؛ لأن الياء حذفت تخفيفا وثبوتها منوي؛ ولذلك بقيت الكسرة دليلا عليها، ولو لم تكن منوية لجعل ما قبلها حرف إعراب.

فإن قلت: إذا جعل عوضا عن الياء، فما سبب حذفها أولا؟

قلت: قال في شرح الكافية: لما كانت ياء المنقوص قد تحذف تخفيفا ويكتفى بالكسرة التي قبلها، وكان المنقوص الذي لا ينصرف أثقل، التزموا فيه من الحذف ما كان جائزا في الأدنى ثقلا؛ ليكون لزيادة الثقل زيادة أثر؛ إذ ليس بعد الجواز إلا اللزوم. انتهى، وقال الشارح: ذهب المبرد إلى أن فيما لا ينصرف تنوينا مقدرا، بدليل الرجوع إليه في الشعر، وحكموا له في جوار ونحوه بحكم الموجود، وحذفوا لأجله الياء في الرفع والجر لتوهم التقاء الساكنين، ثم عوضوا عما حذف التنوين، وهو بعيد؛ لأن الحذف لملاقاة ساكن متوهم الوجود مما لم يوجد له نظير، ولا يحسن ارتكاب مثله. انتهى.

قلت: المشهور عن المبرد أن التنوين عنده عوض من الحركة كما نقل في شرح الكافية.

الثاني: ما ذكر من تنوين جوار ونحوه في الجمع في رفعه وجره متفق عليه، نص على ذلك المصنف وغيره، وما ذكره أبو علي من أن يونس ومن وافقه ذهبوا إلى أنه لا ينون، ولا تحذف ياؤه، وأنه يجر بفتحة ظاهرة وَهْمٌ، وإنما قالوا ذلك في العلم، وسيأتي بيانه.

الثالث: إذ قلت: "مررت بجوار" فعلامة جره فتحة مقدرة على الياء؛ لأن غير منصرف، وإنما قدرت مع خفة الفتحة؛ لأنها نابت عن الكسرة، فاستثقلت لنيابتها عن المستثقل.

<<  <  ج: ص:  >  >>