للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثالث: "حسبك" في قولك: "حسبك ينم الناس" مبتدأ وخبره محذوف؛ أي: حسبك السكوت، وهو لا يظهر، والجملة متضمنة معنى اكفف، وزعمت جماعة -منهم ابن طاهر- أنه مبتدأ بلا خبر؛ لأنه في معنى ما لا يخبر عنه، وقال بعضهم: لو قيل: إنه اسم فعل مبني والكاف للخطاب، وضم لأنه كان معربا فحمل في البناء على قبل وبعد، لم يبعد.

والفعلُ بعد الفاء في الرَّجَا نُصِبْ ... كنَصْبِ ما إلى التمني يَنْتَسِبْ

قال في شرح الكافية: ألحق الفراء الرجاء بالتمني فجعل له جوابا منصوبا، وبقوله أقول: لثبوت ذلك سماعا، ومنه قراءة حفص عن عاصم: {لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ، أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ} ١ انتهى، وكذلك قوله تعالى: {لَعَلَّهُ يَزَّكَّى، أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى} ٢.

ومذهب البصريين أن الرجاء ليس له جواب منصوب، وتأولوا ذلك بما فيه بُعد.

وقول أبي موسى: وقد أشْرَبَها معنى ليت مَن قرأ: "فأطلعَ" نصبا يقتضي تفصيلا٣.

فإن قلت: فهل يجوز جزم جواب الترجي إذا أسقطت الفاء عند مَن أجاز نصبه؟

قلت: نعم، وفي الارتشاف، وسمع الجزم بعد الترجي فدل على صحة مذهب الكوفيين.

وإِنْ على اسمٍ خالصٍ فعلٌ عُطِفْ

تَنْصِبُهُ أن ثابتًا أو مُنْحَذِفْ

قد تقدم أن "أن" تضمر جوازا في موضعين:


١ من الآية ٣٦، ٣٧ من سورة غافر، فأطلع -بالنصب- في جواب قوله تعالى: {أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ، أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ} .
٢ من الآية ٣، ٤ من سورة عبس.
٣ يريد بالتفصيل أن الرجاء إذا أشرب معنى التمني نصب الفعل التالي للفاء في جوابه، وإن لم يشرب معنى التمني لم ينصب.

<<  <  ج: ص:  >  >>