للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تنبيه:

وقوله: "رجح" يقتضي أن ذلك ليس على سبيل التحتم، فعلى هذا يجوز أن يجعل الجواب للقسم المتقدم مع تقدم ذي خبر كما ذكر ابن عصفور وغيره، ونص في الكافي والتسهيل على أن ذلك على سبيل التحتم، وليس في كلام سيبويه ما يدل على التحتم. ثم قال:

ورُبَّما رُجِّحَ بَعْدَ قَسَم ... شَرْطٌ بلا ذي خَبَرٍ مُقَدَّم

هذا مذهب الفراء. أجاز جعل الجواب للشرط المتأخر وإن لم يتقدم ذو خبر، وتبعه المصنف مستشهدا بقول الأعشى١:

لئن مُنِيتَ بنا عن غِبِّ مَعْرَكةٍ ... لا تُلْفِنَا عن دماءِ القومِ ننفتل

وأبيات أُخَر، ومنع ذلك الجمهور وتأولوا البيت ونحوه على جعل اللام زائدة، وجعل الزمخشري قوله تعالى: {مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ} ٢ جواب الشرط في قوله: "لئن".

قال في شرح الكافية: فتثبت المزية للشرط من ثلاثة أوجه:


١ قائله: هو الأعشى ميمون بن قيس، وهو من البسيط.
اللغة: "منيت" ابتليت، والخطاب ليزيد بن مسهر الشيباني "عن غب" عن -هنا- ظرف بمعنى بعد، وغب -بكسر الغين- أي: عاقبة، ويروى: عن جد، والجد -بكسر الجيم- المجاهدة أو الشدة "لا تلفنا" لا تجدنا "ننفتل" نتخلص.
الإعراب: "لئن" اللام موطئة للقسم أي: والله لئن، إن شرطية "منيت" فعل ماض مبني للمجهول، فعل الشرط، وتاء المخاطب نائب فاعل "بنا" متعلق بمنيت "عن" ظرف بمعنى بعد متعلق بمنيت أيضا "غب" مضاف إليه "معركة" مضاف إلى غب "لا" نافية "تلفنا" فعل مضارع جواب الشرط مجزوم بحذف الياء، والفاعل ضمير مستتر فيه "نا" مفعول أول "عن دماء" جار ومجرور متعلق بقوله: ننفتل "القوم" مضاف إلى دماء "ننفتل" فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه، والجملة في محل نصب مفعول ثانٍ لنلفي.
الشاهد: قوله: "لا تلفنا" حث أوقعه جوابا للشرط مع تقديم القسم عليه وحذف جواب القسم لدلالة جواب الشرط عليه، ولو أنه أوقعه جوابا للقسم لجاء به مرفوعا لا مجزوما.
مواضعه: ذكره من شراح الألفية: الأشموني ٥٩٤/ ٣، وابن عقيل ٢٨٧/ ٢، وابن الناظم، والمكودي ص١٥٠.
٢ من الآية ٢٨ من سورة المائدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>