للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد بسطت الكلام على هذه المسألة في غير هذا الكتاب، والغرض هنا شرح النظم، فقوله:

لَوْ حَرْفُ شَرْطٍ في مُضِيٍّ ... .......................

هذا هو القسم الأول من قسمي الشرطية، وهي الامتناعية. يعني: أن لو الامتناعية حرف يدل على تعليق فعل بفعل فيما مضى، فيلزم من تقدير حصول شرطها حصول جوابها، ويلزم كون شرطها محكوما بامتناعه؛ إذ لو قُدر حصوله لكان الجواب كذلك، ولم تكن للتعليق في المعنى، بل للإيجاب، فتخرج عن معناها.

وأما جوابها فلا يلزم كونه ممتنعا على كل تقدير؛ لأنه قد يكون ثابتا مع امتناع الشرط، كقوله: "نعم المرءُ صهيبٌ لو لم يخفِ الله لم يَعْصِهِ"١. ولكن الأكثر أن يكون ممتنعا، فلذلك كان قولهم: لو حرف امتناع لامتناع عبارة ظاهرها الفساد؛ لأنها تقتضي كون الجواب ممتنعا في كل موضع، وليس كذلك.

والحاصل: أن لو تدل على امتناع شرطها، وعلى كونه مستلزما لجوابها، ولا يتعرض لامتناع الجواب في نفس الأمر ولا لثبوته، قال في شرح الكافية: العبارة الجيدة في لو أن يقال: حرف يدل على امتناع تالٍ يلزم لثبوته ثبوت تاليه، فقيام زيد من قولك: "لو قام زيد لقام عمرو" محكوم بانتفائه فيما مضى، وكونه مستلزما ثبوته لثبوت قيام عمرو، وهل لعمرو قيام آخر غير اللازم عن قيام زيد أو ليس له؟ لا يتعرض لذلك، بل الأكثر كون الأول والثاني غير واقعين.

وقال في التسهيل: لو حرف شرط يقتضي امتناع ما يليه واستلزامه لتاليه. وفي بعض النسخ: لو حرف يقتضي نفي ما يلزم لثبوته ثبوت غيره، وعباراته الثلاث بمعنى واحد، قال ابن المصنف: ولا شك أن ما قاله -يعني ما قاله أبوه- في تفسير لو أحسن وأدل على معنى لو، غير أن ما قالوه عندي تفسير صحيح وافٍ بشرح معنى لو، وهو الذي قصده سيبويه من قوله: لما كان سيقع لوقوع غيره.


١ هو من كلام عمر وجعله من كلام النبي -صلى الله عليه وسلم- وهم، وإنما الوارد عنه -صلى الله عليه وسلم- ما رواه أبو نعيم في الحلية أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال في سالم مولى أبي حذيفة أنه شديد الحب لله، لو كان لا يخاف الله ما عصاه. صبان ٢٥/ ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>