للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: الذي يدل عليه كلام النحويين أن ذلك على سبيل الوجوب؛ لاشتراطهم في المخبر عنه قبول التأخير، ونص بعضهم على جواز تقديم المبتدأ في هذا الباب. وممن نص عليه الشارح، وفي البسيط أن ذلك على جهة الأولى والأحسن، وأنه يصح أن يقال: "زيد الذي ضرب عمرًا" فنجعل زيدا خبرا عن الذي إما مقدما وإما مؤخرا، وجوزه المبرد.

والثانية: أن الضمير الذي يخلف الاسم المتأخر لا بد من مطابقته الموصول لكونه عائدا، ويلزم كونه غائبا. ولو خالف ضمير متكلم أو مخاطب، وأجاز أبو ذر الخشني جعله مطابقا للخبر في الخطاب والتكلم، فتقول في الإخبار عن التاء في "ضربت الذي ضربت أنت" وعن التاء في "ضربت الذي ضربت أنا" ومذهب الجمهور منع ذلك.

الثالثة: أن هذا الضمير ينوب عن الاسم المتأخر في إعرابه الذي كان له؛ لكونه خلفه في موضعه فاستحق إعرابه.

ولما بين كيفية الإخبار شرع في شروط المخبر عنه فقال:

قبولُ تأخيرٍ وتعريفٍ لِمَا ... أُخْبِرَ عنه هاهنا قد حُتِمَا

كذا الغِنَى عنه بأجنبي اوْ ... بمضمرٍ شَرْطٌ فَرَاعِ ما رَعَوْا

هذه أربعة شروط:

الأول: قبول التأخير، فلا يخبر عن اسم يلزم صدر الكلام كضمير الشأن واسم الشرط واسم الاستفهام وكم الخبرية.

الثاني: قبلو التعريف، فلا يخبر عن الحال والتمييز؛ لأنهما ملازمان للتنكير.

الثالث: قبول الاستغناء بأجنبي، فلا يخبر عن اسم لا يجوز الاستغناء عنه بأجنبي، ضميرا كان أو ظاهرا، فالضمير كالهاء من قولك: "زيد ضربته" فإنها عائدة قبل ذكر الموصول على بعض الجملة، فلو أخبرت عنها لخلفها مثلها في العود إلى ما كانت تعود عليه، فيلزم إما بقاء الموصول بلا عائد، وإما عود ضمير واحد على شيئين، وكلاهما محال.

<<  <  ج: ص:  >  >>