وثانيها: أنهما مبنيان، أما الاستفهامية فلتضمنها معنى حرفه، وأما الخبرية فقيل: لشبهها بها، وقيل: لمناسبة رب التي للتكثير، وقيل: حملا على رب، وإن كانت للتقليل؛ لأن الشيء يحمل على نقيضه كما يحمل على نظيره.
قلت: والتعليل بالشبه الوضعي كافٍ في بنائهما.
ورابعهما: أن مميزهما قد يحذف إذا دل عليه دليل خلافا لمن منع حذف تمييز الخبرية، وقال بعضهم: يقبح حذف مميز الخبرية إلا إن قدر منصوبا، قال في الارتشاف: وبنبغي أن يقال: إن قدر تمييز الخبرية منصوبا أو مجرورا بمن جاز حذفه، أو بالإضافة فلا يجوز.
وخامسها: أنهما يلزمان الصدر، أما الاستفهامية فواضح، وأما الخبرية فللحمل على رب، فلا يعمل فيهما ما قبلهما إلا المضاف وحرف الجر، وحكى الأخفش أن بعض العرب يقدم العامل على كم الخبرية، فتقول على هذا:"ملكت كم غلام" فقيل: هي من القلة بحيث لا يقاس عليها، والصحيح أنه يجوز القياس عليها، وأنها لغة.
وسادسها: أنهما يشتركان في وجوه الإعراب، وهذا تقييد في إعراب كم إن تقدم عليها حرف جر أو مضاف، فهي مجرورة وإلا فإن كانت كناية عن مصدر أو ظرف فهي منصوبة على المصدر أو على الظرف، وإلا فإن لم يلها فعل أو وليها فعل وهو لازم أو متعد رافع ضميرها أو سببها فهي مبتدأ، وإن وليها فعل متعد ولم يأخذ مفعوله، وإن أخذه فهي مبتدأ، إلا أن يكون ضميرا يعود عليها، ففيها الابتداء، والنصب على الاشتغال.
ويفترقان في ستة أشياء:
أولها: أن تمييز الاستفهامية أصله النصب وتمييز الخبرية أصله الجر.
وثانيها: أن تمييز الاستفهامية مفرد وتمييز الخبرية يكون مفردا وجمعا.
وثالثها: أن الفصل بين الاستفهامية ومميزها جائز في السعة، ولا يفصل بين الخبرية ومميزها إلا في الضرورة، نص المصنف على ذلك، وتقدم ما يقتضي الإطلاق.
ورابعها: أن الاستفهامية لا تدل على تكثير -خلافا لبعضهم- والخبرية للتكثير خلافا لابن طاهر وتلميذه ابن خروف.