للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنهم آثروا التخفيف فحذفوا إحدى الياءين، فمن حذف الثانية قال الصحارِي -بالكسر- ومن حذف الأولى قال الصحارَى -بالفتح- وإنما فتح الراء وقلب الياء ألفا لتسلم من الحذف عند التنوين، والله أعلم.

واجعَلْ فَعَاليّ لغير ذي نَسَبْ ... جُدِّدَ كالكرسي تَتْبَعِ العربْ

من أمثلة جمع الكثرة: فعاليّ وهو لثلاثي، ساكن العين، مزيد، آخره ياء مشددة لغير تجديد نسب، نحو: كرسيّ وكراسيّ وبرديّ وبراديّ، واحترز بقوله: "لغير ذي نسب جدد" من نحو بصري، فلا يقال: بصاريّ، وعلامة النسب المتجدد جواز سقوط الياء وبقاء الدلالة على معنى مشعور به قبل سقوطها.

تنبيهات:

الأول: قد تكون الياء في الأصل للنسب الحقيقي ثم يكثر استعمال ما هي فيه حتى يصير منسيا أو كالمنسي، فيعامل الاسم معاملة ما ليس منسوبا كقولهم: مَهْرِيّ مهاريّ، وأصله البعير المنسوب إلى مَهْرَة قبيلة من قبائل اليمن، ثم كثر استعماله حتى صار اسما للنجيب من الإبل.

الثاني: ذكر في التسهيل أن هذا الجمع أيضا لنحو علباء وقوباء وحَوْلايا١ ويحفظ في نحو صحراء وعذراء وإنسان وظَرِبان٢.

قلت: أما صحراء وعذراء فقالوا فيهما: صحاري وعذاري -بالتشديد- وتقدم التنبيه على أنه الأصل مع أنه لا يقاس عليه، وأما إنسان وظربان، فقالوا فيهما: أناسي وظرابي، وأصلهما أناسين وظرابين والياء فيهما بدل من النون. وزعم ابن عصفور: أن هذا البدل في أناسي لازم، ورد بأن العرب قالت أناسين على الأصل، قال الشاعر٣:


١ حولايا -بفتح الحاء وسكون الواو- اسم موضع، وقال في القاموس: قرية من عمل النهروان.
٢ ظربان -على وزن قطران- دويبة منتنة الريح، قيل: تشبه الهر، وقيل: تشبه القرد، وقيل: تشبه الكلب.
٣ قائله: لم أقف على اسم قائله، يسلي شخصا مصابا بأهله نازحا عن داره ووطنه وقدم على قوم أحسنوا إليه غاية الإحسان حتى كأنه اجتمع بأهله في وطنه- وهو من البسيط. =

<<  <  ج: ص:  >  >>