للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واعلم أن فيما عرف به اسم الجنس نظرا؛ لأن مقتضاه صحة إطلاق تمر ونحوه على القليل والكثير كالعسل والماء؛ لأن الواحد إنما ينتفي بنفيه إذا كان صادقا عليه، وقد صرح بذلك الشيخ أبو عمرو في شرحه لكافيته، والمفهوم من كلام النحويين أن اسم الجنس الذي يفرق بينه وبين واحده بتاء التأنيث نحو: جَوْز ونخل١ وكلم، لا يطلق على أقل من ثلاثة، وإنما يقال ذلك في نحو ضرب من المصادر، فإنه صالح للقليل والكثير، وإذا قيل ضربة فالتاء للتنصيص على الوحدة، وأما غير المصادر فلا يقال فيها ذلك، وقد صرح المصنف بذلك قال في شرح التسهيل: الكلم اسم جنس جمعي كالنبق واللبن، وأقل ما يتناول ثلاث كلمات، بل يقتضي قوله في التسهيل: تكسير الواحد الممتاز بالتاء محفوظ استغناء بتجريده في الكثرة وبتصحيحه في القلة، أن تمرا ونحوه لما فوق العشرة حتى قيل ناقض كلامه الأول.

وأما اللفظي فاعلم أن الاسم الدال على أكثر من اثنين إن لم يكن له واحد من لفظه فإما أن يكون على وزن خاص بالجمع أو غالب فيه أو لا؛ فإن كان على وزن خاص بالجمع نحو عبابيد، أو غالب فيه نحو أعراب، فهو جمع واحد مقدر، وإلا فهو اسم جمع نحو رهط وإبل.

وإنما قلنا: إن أعرابا على وزن غالب؛ لأن أفعالا وزن نادر في المفردات كقولهم: "برمة أعشار"٢ هذا مذهب بعض النحويين، وأكثرهم يرى أن أفعالا وزن خاص بالجمع، ويجعل قولهم: "برمة أعشار" من وصف المفرد بالجمع، ولذلك لم يذكر في الكافية غير الخاص بالجمع، وليس الأعراب جمع عرب؛ لأن العرب يعم الحاضرين والبادين، والأعراب يخص البادين، خلافا لمن زعم أنه جمعه، وإن كان له واحد من لفظه فإما أن يوافقه في أصل اللفظ دون الهيئة أو فيهما، فإن وافقه فيهما وثنى فهو جمع يقدر تغييره نحو فلك، فإن لم يثن فليس بجمع نحو جنب، والمصدر إذا وصف به وإن وافقه في أصل اللفظ دون الهيئة، فإما أن يميز من واحده بنزع ياء النسب نحو روم أو بتاء التأنيث ولم يلتزم تأنيثه نحو تمر أو لا، فإن ميز بما ذكر ولم يلتزم تأنيثه فهو اسم جنس، وإن التزم تأنيثه فهو جمع نحو


١ جوز: الجوز -بفتح الجيم وسكون الواو- المفازة التي يتيه فيها السالك.
٢ البرمة: قد من حجارة، وبرمة أعشار إذا كانت عظيمة لا يحملها إلا عشرة، وقيل: إذا كانت مكسرة على عشر قطع.

<<  <  ج: ص:  >  >>