للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذا هو السبب السادس من أسباب الإمالة، وهو التناسب، وعبر بعضهم عنه بقوله: الإمالة للإمالة، وعبر عنه آخرون بقولهم: الإمالة لمجاورة الممال؛ وإنما آخره لضعفه بالنسبة إلى الأسباب المتقدمة.

ثم إن إمالة الألف للتناسب لها صورتان، إحداهما: أن تمال لمجاورة ألف ممالة كإمالة ثاني الألفين في نحو: رأيت عمادا.

والأخرى: أن تمال لكونها آخر مجاور ما أميل آخره، كإمالة ألف "تلا" من قوله تعالى: {وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا} ١ فأميلت ألف تلاها ليشاكل اللفظ بها اللفظ بما بعدها.

وإلى هذا أشار بقوله "تلا" ومثل هذا شرح الكافية بإمالة ألفي {وَالضُّحَى، وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى} ٢ ليشاكل التلفظ بهما بما بعدها.

فإن قلت: في تمثيله بتلا وضحى نظر، فإن ألفهما تجوز إمالتها لسبب غير التناسب؛ لأنها تئول إلى الياء إذا بني الفعل للمفعول، وقد تقدم بيانه، وإنما ينبغي تمثيل هذا النوع بما لا سبب لإمالته غير التناسب.

قلت: السبب المقتضي لإمالة نحو دعا مما ألفه عن واو لم تعتبره القراء؛ ولذلك لم يميلوا هذا النوع حيث وقع، وإنما أمالوا منه ما جاور الممال، فلما أمالوا "تلاها" ونحوه وليس عادتهم إمالة ذلك، علم أن الداعي إلى إمالته عندهم إنما هو التناسب.

تنبيه:

استفيد من تمثيله فائدتان:

إحداهما: التنبيه على صورتي الإمالة للتناسب كما سبق.

والآخرى: أن الألف قد تمال لمناسبة الألف قبلها نحو "عمادا" فإن الألف الثانية أميلت لمناسبة الأولى "وقد تمال لمناسبة ألف بعدها"٣ كإمالة ألف "تلالها" لمناسبة ما بعده مما ألفه عن ياء أعني "جلاها ويغشاها".


١ من الآية ٢ من سورة الشمس.
٢ الآيتان: ١، ٢ من سورة الضحى.
٣ ب، ج.

<<  <  ج: ص:  >  >>