إذا كان افتعل واوي العين بمعنى تفاعل صح حملا على تفاعل؛ لكونه بمعناه نحو اجْتَوَرُوا وازدرجوا بمعنى تجاوروا وتزاوجوا، واحترز بقوله:"وإن يَبِن تفاعل من افتعل" من أن يكون افتعل لا يدل على التفاعل، وهو الاشتراك في الفاعلية والمفعولية، فإنه يجب إعلاله مطلقا نحو اختان بمعنى خان واجتاز بمعنى جاز، واحترز بقوله:"والعين واو" من أن تكون عينه ياء فإنه يجب إعلاله.
ولو كان دالا على التفاعل، نحو: امتازوا وابتاعوا واستافوا١ أي: تضاربوا بالسيوف؛ لأن الياء أشبه بالألف من الواو، فكانت أحق بالإعلال منها، ثم أشار إلى رابعها بقوله:
وإِنْ لحرفين ذا الإعلال اسْتُحق ... صُحِّح أول وعكس قد يَحِق
إذا اجتمع في الكلمة حرفا علة واوان أو ياءان أو ياء وواو، وكل منهما مستحق لأن يقلب ألفا لتحركه وانفتاح ما قبله، فلا بد من تصحيح أحدهما لئلا يجتمع إعلالان والآخر أحق بالإعلال، فاجتماع الواوين كالحوى مصدر حَوِيَ إذا اسودّ، ويدل على أن ألف الحوى منقلبة عن واو قولهم في مثناه: حووان، وفي جمع أحوى: حُوّ، وفي مؤنثه: حواء، فأصل الحوى حوو، فكل واحدة من الواوين تستحق الانقلاب، فإن قلبناهما لالتقى ألفان فيجب حذف أحدهما لالتقاء الساكنين، ثم حذف الآخر لملاقاة التنوين فيبقى اسم متمكن على حرف واحد، وذلك ممتنع، وما أفضى إلى الممتنع ممتنع، فلما امتنع إعلالهما معا وجب إعلال أحدهما، وكان الثاني أحق بذلك لأن الطرف محل التغيير والعين متحضنة بوقوعها حشوا واجتماع الياءين كالحيا للغيث، وأصله حيي، فأعلت الياء الثانية لما تقدم، واجتماع الواو والياء كالهوى، أصله هَوَي، فأعلت الياء على ما ذكر في الحوى.