للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التي قبلها فأقرت على ما يقتضيه التصريف، ولم تبدل لأنها ليست بأصل، وإنما هي بدل من همزة، والهمزة لا تدغم، فينبغي أن يكون بدلها كذلك، وأيضًا فلأن إبدالها وهي بدل من الفاء يؤدي إلى توالي إعلالين وشذ إبدال الياء والواو في هذا تاء، كقول بعضهم اتزر، أي: لبس الإزار، فالتاء في هذا بدل من الياء المبدلة من الهمزة "وقال بعضهم: اؤتُمِن اتَّمِن، فالتاء في هذا بدل من الواو المبدلة من الهمزة" واللغة الفصيحة في ذلك عدم الإبدال.

تنبيهات:

الأول: قوله "وشذ" يقتضي أن الإبدال في ذي الهمز ليس بلغة فلا يصح القياس عليه، وهذا هو المعروف، وحكى عن البغداديين أنهم أجازوا الإبدال في ذي الهمزة، وحكوا من ذلك ألفاظًا وهي: اتَّزر واتَّمن، من الإزار والأمانة، واتَّهل من الأهل، ومنه عندهم اتَّخذ من الأخذ، وقال بعضهم: هي لغة رديئة متنازع في صحة نقلها، قال أبو علي: هذا خطأ في الرواية، فإن صحت فإنما سمعت من قوم غير فصحاء لا ينبغي أن يؤخذ بلغتهم، ولم يحك هذا سيبويه، ولا الأئمة المتقدمون العارفون بالصيغة وتحري النقل.

قلت: وفي الحديث "وإن كان قصيرًا فليتزر به" كذا الجميع رواه الموطأ بالإبدال والإدغام، وفي حديث عائشة رضي الله عنها "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يأمرني إذا حضت أن أتزر" -بالإدغام.

فإن قلت: فما يصنع أبو علي بقولهم: اتخذ وهو من الأخذ؟.

قلت: خرجه على أن تاءه الأولى أصلية؛ لأن العرب قالت: تخذ بمعنى اتخذ، قال الله تعالى: {لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا} ١ وأنشد٢:د

وقد تخذت رجلي لدى جنب غرزها ... نسيفًا كأُفْحُوصِ القطاةِ الْمُطَرِّق


١ من الآية ٧٧ من سورة الكهف.
٢ قائله: هو الممزق العبدي -واسمه شاس بن نهار العبد -وهو من الطويل.
اللغة: "تخذت" بمعنى اتخذت "لدى جنب" ويروى إلى جنب "غرزها" الغرز -بفتح الغين وسكون الراء- ركاب الرجل من جلد، وإذا كان من خشب أو حديد فهو ركاب =

<<  <  ج: ص:  >  >>