للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني: فهم من قوله: "كعدة" أن حذف الواو من فعلة المشار إليها مشروط بشرطين:

أحدهما: أن تكون مصدرًا كعدة، فلو كانت غير مصدرية لم تحذف واوها، إلا ما شذ، وذلك قولهم: رقة -للفضة- وحشة للأرض الموحشة، ولدة١، وفيها احتمال وهو أن تكون مصدرًا وصف به، ذكره الشلوبين.

وقوله: في التسهيل: وربما أعل بذا الإعلال أسماء كرقة وصفات كلدة، فيه نظر؛ لأن مقتضاه وجود أقل الجمع من النوعين، أما الأسماء فقد وجد رقة، وحشة، وجهة، عند من جعلها أسماء، وأما الصفات فلا يحفظ فيها غير لدة، وقد أنكر سيبويه مجيء صفة على حرفين.

وثانيهما: ألا تكون لبيان الهيئة، نحو الوعدة والوقفة، المقصود بهما الهيئة، فإنه لا يحذف منهما، وقد احترز عن هذا في الكافية بقوله: والفعلة الأصل احذف.

الثالث: قد ورد إتمام فعلة -المصدر المذكور- وهو شاذّ، قالوا: وتره وترًا ووترة٢ -بكسر الواو- وحكاه أبو علي في أماليه، وقال الجرمي: ومن العرب من يخرجه على الأصل، فيقول: وعدة، ووثبة ووجهة.

قلت: أما وجهة فذهب المازني والمبرد والفارسي إلى أنه اسم للمكان المتوجه إليه، فعلى هذا لا شذوذ في إثبات واوه؛ لأنه ليس بمصدر، وذهب قوم إلى أنه مصدر، وهو الذي يظهر من كلام سيبويه، ونسب إلى المازني أيضًا، وعلى هذا فإثبات الواو فيه شاذ، قال بعضهم: والمسوغ لإثباتها فيه دون غيره من المصادر أنه مصدر غير جار على فعله، إذ لا يحفظ وَجَهَ يَجِهُ، فلما فقد مضارعه لم يحذف منه، إذ لا موجب لحذفها إلا حمله على مضارعه، ولا مضارع والفعل المستعمل


١ لدة: بمعنى: ترب.
٢ وتره: يقال: وترت العدو أفردته، والصلاة جعلتها وترًا وزيدًا حقه نقصته إياه، والكل من باب وعد. كذا في المصباح.

<<  <  ج: ص:  >  >>