للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعني: أن هذا الحذف قد جاء في الأمر أيضًا بشرط أن تكون عينه مكسورة، وقرأ أكثر القراء: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} ١ وهو من قررت بالمكان أقر به، بالفتح في الماضي والكسر في المستقبل، فلما أمر منه اجتمع مثلان أولهما مكسور، فحسن الحذف كما فعل بالماضي.

فإن قلت: فهل يطرد الأمر؟

قلت: قال في الكافية: وقرن في اقررن وقس معتضدا.

وذكر غيره أن ذلك لا يطرد، وهو ظاهر التسهيل فإنه قال: وربما أفعل ذلك بالأمر والمضارع، وزاد فيه المضارع ومثاله يقرن في يقررن، وذكر ذلك في شرح الكافية قال: وكذا يستعمل في نحو يقررن واقررن فيقال فيهما: يقرن وقرن، لكن فتح الفاء في هذين وشبههما غير جائز، انتهى.

وقال الشارح: الضابط في هذا النحو أن المضارع على يفعل إذا كان مضاعفًا سكن الآخر، ولاتصاله بنون الإناث فجاز تخفيفه بحذف عينه ونقل حركتها إلى الفاء، وكذلك الأمر منه تقول في يقررن يقرن وفي اقررن قرن، وقوله: "وقرن نقلا" يعني: بفتح القاف، وهو قراءة نافع وعاصم، وهو أمر من قررن بالمكان أقر به -بكسر الماضي وفتح المضارع، وهي لغة فصيحة ثابتة لا يقبل قول من أنكرها، فلما أمر منه اجتمع مثلان أولهما مفتوح، ففعل به من حذف عينه ما فعل بأحست وهو نادر لا يقاس عليه؛ لأن هذا الحذف إنما هو للمكسور.

تنبيهات:

الأول: ذهب بعضهم إلى أن قرن -على قراءة الكسر- مر من الوقار، يقال: وقر يقر، فيكون قرن محذوف الفاء مثل عدن، ورجح الأول لتتوافق القراءتان، وذهب بعضهم إلى أن قرن، على قراءة الفتح، أمر من قار يقار.

الثاني: أجاز في الكافية وشرحها إلحاق المضموم العين بالمكسور، فأجاز في اغضضن أن يقال: غُضْنَ، واحتج بأن فك المضموم أثقل من فك المكسورة، وإذا كان فك المفتوح قد فر منه إلى الحذف في قرن -المفتوح القاف- ففعل ذلك بالمضموم أحق بالجواز، قال: ولم أره منقولًا.


١ من الآية ٣٣ من سورة الأحزاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>