بمعنى دَبّ، فإنه موازن بصدره لفعل نحو: لبب، ولو بنيت من الرد مصل غطفان قلت: رددان -بالفك- هذا مذهب الخليل وسيبويه، وخالف الأخفش فقال: ردان -بالإدغام- ووجه أن الألف والنون بزيادتهما التزم تحريم الدال التي تليهما، فثقل توالي الفتحتين، فأدغم تخفيفًا وصار في ذلك نظير الفعل في الثقل نحو رد، بل هو أولى بالإدغام من الفعل؛ لأن حركة الدال الأخيرة في الفعل ليست بلازمة والصحيح ما ذهب إليه الخليل وسيبويه لأنه هو الذي ورد به السماع.
فإن قلت: كان ينبغي أن يستثنى مثالًا خامسًا يمتنع فيه الإدغام وهو فعل نحو إبل؛ لكونه مخالفًا لأوزان الأفعال.
فلو بنيت من الرد مثل إبل قلت: رِدِد، بالفك، قلت: العذر له في عدم استثنائه أنه بناء لم يكثر في الكلام، ولم يسمع في المضاعف، وقد استثناه في بعض نسخ التسهيل.
واعمل أن أوزان الثلاثي التي مكن فيها اجتماع مثلين متحركين لا تزيد على تسعة، وقد سبق ذكر خمسة منها، وبقيت أربعة، منها واحد مهمل فلا كلام فيه، وهو فعل -بكسر الفاء وضم العين- وثلاثة مستعملة وهي: فعل نحو كتف، وفعل نحو عضد، وفعل نحو دئل.
فإذا بنيت من الرد مثل كتف أو عضد قلت: رد -بالإدغام- لأنهما موافقان لوزن الفعل، وليسا في خفة فعل نحو لبب، هذا مذهب الجمهور، وخالف ابن كيسان فقال: رَدِدٌ ورَدُدٌ بالفك.
وإذا بنيت من الرد مثل دئُِل قلت: ردُِد -بالفك- ومن رأى أن فعل أصل في الفعل ينبغي أن يدغم، وقياس مذهب ابن كيسان الفك، بل هو في هذا أولى.
والثالث: ألا يتصل بأول المثلين مدغم فيه، وإليه أشار بقوله:"ولا كَجُسَّس" وهو جمع جاس، فإن فيه مثلين متحركين ولم يدغم أولهما في الثاني؛ لأن قبلهما مثل آخر مدغمًا في أول المتحركين، فلو أدغم المدغم فيه التقى الساكنان وبطل الإدغام السابق.