للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن تقدم الفعل على المفعولين ولم يتقدمه شيء, فمذهب البصريين أنه يمتنع الإلغاء، وهو مفهوم قوله: "لا في الابتدا".

وذهب الكوفيون والأخفش إلى جوازه، لكن الإعمال عندهم أرجح، وقد أجازه في التسهيل بقبح١ وقال في شرحه: حكم سيبويه "بقبح"٢ إلغاء المتقدم نحو: "ظننت زيد قائم" وبتقليل قبحه بعد معمول الخبر نحو: "متى ظننت زيد "قائم"؟ "٣, وفي درجته الإلغاء في نحو "زيد أظن أبوه قائم".

ثم قال:

وانو ضمير الشان أو لام ابتدا ... في موهم إلغاء ما تقدما

يعني: أنه إذا ورد ما يوهم الإلغاء للمتقدم نحو: "ظننت زيد قائم" وجب عند من منع إلغاءه تأويله على أحد تأويلين:

الأول: نية ضمير الشأن فيكون هو المفعول الأول والجملة بعده هي المفعول الثاني وعلى هذا يكون الفعل باقيا على عمله.

والثاني: نية لام الابتداء المعلقة، ويكون التقدير: "ظننت لزيد قائم"، والفعل على هذا معلق، وعلى هذا حمل سيبويه قوله:

.................................... ... وإخال أنِّي لاحق مستتبع٤


١ التسهيل ص٧١.
٢ أ، ج وفي ب "بفتح".
٣ أ، ج وفي ب "قائما".
٤ عجز بيت قائله: أبو ذؤيب الهذلي من قصيدة يرثي بها أولادا له خمسة ماتوا بالطاعون. وصدره:
فغبرت بعدهم بعيش ناصب
الشرح: "غبرت" -بالغين المعجمة- بمعنى لقيت، ومنه الغابرين، وروي مكانه "بقيت" و"ناصب" من النصب -بفتحتين- وهو التعب، "إخال" بكسر الهمزة على الأفصح بمعنى ظن "مستتبع" مستحق.
الإعراب: "فغبرت" فعل وفاعل, "بعدهم" ظرف زمان متعلق بالفعل, ومضاف إليه, "بعيش" متعلق بمحذوف في محل نصب من تاء الفاعل, "ناصب" صفة عيش مجرور مثله, "وإخال" مضارع مرفوع معلق عن العمل لفظا لوجود لام الابتداء بعده تقديرا, والفاعل مستتر وجوبا: أنا, "أني" حرف مشبه بالفعل والياء اسمه, "لاحق" خبره وفيه ضمير مستتر هو فاعله "مستتبع" خبر ثان لإن وهو أولى من جعله صفة للاحق وفيه ضمير مستتر تقديره أنا فاعله. على كونه اسم فاعل, ونائب فاعل على كونه اسم مفعول. وجملة أن واسمها وخبرها في محل نصب سدت مسد مفعولي "إخال".
الشاهد: في "وإخال أني لاحق" حيث علق الفعل "إخال" بلام الابتداء المضمرة، والأصل أني لاحق, فحذفت اللام بعد ما علقت "إخال" وبقي الكسر بعد حذفها كما كان مع وجودها فهو مما نسخ لفظه وبقي حكمه.
مواضعه: ذكره ابن هشام في مغني اللبيب ١/ ١٩١، والسيوطي في همع الهوامع ١/ ١٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>