للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثالث: أن يكون رفعه يوهم وصفا مُخلا, كقوله تعالى: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} ١, فالنصب فيه راجح؛ لأن الرفع يوهم أن يكون "خلقناه" صفة مخصصة، والنصب يرفع ذلك التوهم، إذ الصفة لا تفسر ناصبا لما قبلها.

وإذا لم تكن صفة فهو خبر, فيلزم عموم خلق الأشياء بقدر, فهو مذهب أهل السنة. وقد قرئ بالرفع٢ ثم أشار إلى الرابع بقوله:

وإن تلا المعطوفُ فعلا مُخْبَرا ... به عن اسم فاعطفَنْ مخيَّرا

يعني: أنه إذا وقع اسم الاشتغال بعد عاطف على جملة ذات وجهين, وهي الابتدائية التي خبرها فعل نحو: "زيد قام" و"عمرًا أكرمته", فيجوز الرفع مراعاة لصدرها، والنصب مراعاة لعجزها، ولا ترجيح لأحدهما على الآخر؛ لأن في كل منهما مشاكلة.

فإن قلت: ينبغي ترجيح النصب؛ لترتبه على أقرب "المشاكلتين"٣.

قلت: قد رجّحه بعضهم على الرفع لذلك، ولا ينهض؛ لأن الرفع "مترجح"٤ بعدم الإضمار، ولكل منهما مرجح فتساويا، وقد حكي عن الفارسي ترجيح الرفع.

فإن قلت: كان ينبغي أن يقول: "بلا فصل" كما قال في البيت السابق؛ احترازا من نحو: "زيد قام وأما عمرا فأكرمته", فالرفع فيه راجح، ولا أثر للعطف.

قلت: استغني بتقديم الاحتراز عنه.

فإن قلت: ما المراد بقوله: المعطوف؟

قلت: إن أراد اسم الاشتغال "فقد"٥ تسامح في العبارة، وإن أراد جملة الاشتغال فهو صحيح.


١ الآية ٤٩ من سورة القمر.
٢ لكن على أن "خلقناه" في موضع الخبر للمبتدأ, والجملة خبر إن، و"بقدر" حال.
٣ أ، جـ. وفي ب "المشاكلين".
٤ أ، جـ. وفي ب "مرجح".
٥ أ، جـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>