للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأجاز ابن كيسان الفصل بلولا ومصحوبها، نحو: "ما أحسن لولا بخله زيدا" ولا حجة له على ذلك.

وأما الظرف والمجرور, ففيهما خلاف مشهور.

قال في شرح الكافية: والصحيح الجواز؛ لثبوت ذلك عن العرب.

وقال في شرح التسهيل: لم يمتنع ولم يضعف؛ لثبوت ذلك نثرا ونظما وقياسا.

فمن النثر قول عمرو بن معديكرب: "لله در بني سالم, ما أحسن في الهيجاء لقاءها، وأكرم في اللَّزبات عطاءها، وأثبت في المكرمات بقاءها"١، ومن النظم قول بعض الصحابة رضي الله عنهم٢:

وقال نبي المسلمين تقدموا ... وأحبب إلينا أن تكون المقدما

وقول الآخر٣:

أقيم بدار الحزم ما دام حزمها ... وأحْرِ إذا حالت بأن أتحولا


١ وهو صحابي من فرسان الجاهلية والإسلام, قتل سنة إحدى وعشرين من الهجرة. "في الهيجاء" -بالمد والقصر- الحرب, "واللزبات" -بفتح اللام وسكون الزاي- جمع لزبة، وهي الشدة والقحط، "والمكرمات" جمع مكرمة -بضم الراء فيهما- أي: الكرم.
٢ تقدم شرحه, والشاهد هنا: الفصل بالجار والمجرور بين فعل التعجب ومعموله.
٣ قائله: هو أوس بن حجر, وهو من الطويل.
اللغة: "دار الحزم" المكان الذي تعتبر فيه الإقامة حزما, "أحر" أخلق, "حالت" تغيرت.
المعنى: أقيم بالمكان الذي تعتبر الإقامة فيه من الحزم وحسن التصرف، وذلك حيث يكون الإنسان فيه عزيزا مكرما، فإذا تغير الحال ولاقى الإنسان مهانة فأخلق به أن يتحول عنه إلى مكان آخر، يلقى فيه العزة والكرامة.
الإعراب: "أقيم" فعل مضارع وفاعله ضمير مستتر, "بدار" متعلق بأقيم, "الحزم" مضاف إليه, "ما" مصدرية ظرفية, "دام" فعل ماض ناقص, "حزمها" اسم دام والهاء مضاف إليه والخبر محذوف أي: موجودا، ويجوز أن يكون دام تامة وحزمها فاعلا به, "وأحر" فعل ماض للتعجب جاء على صورة الأمر, "إذا" ظرف له, "حالت" الجملة في محل جر بإضافة إذا إليها, "بأن أتحولا" الباء زائدة، وأن وما دخلت عليه في تأويل مصدر مجرور بها لفظا, وهو في التقدير فاعل لفعل التعجب مرفوع محلا.
الشاهد فيه: "أحر إذا حالت بأن أتحولا" حيث فصل بين فعل التعجب وهو "أحر" ومعموله وهو "بأن أتحولا", فإن المصدر المؤول من أن وما دخلت عليه فاعل فعل التعجب, والفاصل بينهما ظرف وهو "إذا حالت".
مواضعه: ذكره من شراح الألفية: الأشموني ٣٦٩ / ٢، وابن هشام ٧٣/ ٣, والمكودي ص١٠٨، وابن الناظم، وذكره السيوطي في الهمع ٩٠/ ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>