للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأجاز الكسائي: "ظننت عبد الله وزيدا مختصمينِ" بالفاء، وثم, ومنع ذلك البصريون والفراء.

ثم انتقل إلى "الفاء" فقال:

الفاء للترتيب باتصال

أي: بلا مهلة, فهي للتعقيب, وهذا مذهب الجمهور, وما أوهم خلافه يُؤَوَّل.

وذكر في التسهيل أن الفاء تقع موقع ثم١ كقوله تعالى: {فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً} ٢.

ثم انتقل إلى "ثم" فقال:

وثم للترتيب بانفصال

أي: بمهلة، وهو مذهب الجمهور، وما أوهم خلافه يؤول.

وذكر في التسهيل أنها قد تقع موقع الفاء٣ كقوله٤:

.................... ... جرى في الأنابيب ثم اضطرب


١ التسهيل ص٧٥.
٢ من الآية ١٤ من سورة "المؤمنون".
٣ التسهيل ص١٧٥.
٤ قائله: هو أبو دواد حارثة بن العجاج الإيادي, من قصيدة يصف فيها فرسه, وصدره:
كهز الرُّدينيّ تحت العَجَاج
وهو من المتقارب.
اللغة: "الرديني" رمح منسوب إلى ردينة, وهي امرأة اشتُهرت بصنع الرماح بهَجَر, "العجاج" -بفتح العين وتخفيف الجيم- الغبار، والمراد ما تثيره أقدام المتحاربين أو خيولهم, "الأنابيب" -جمع أنبوبة- وهي ما بين كل عقدتين من القصب.
المعنى: إن اهتزاز هذا الفرس وسرعة عَدْوه ذهابا وجيئة أثناء القتال, يشبه اهتزاز الرمح واضطرابه في سرعة وخفة في كل ناحية, تحت غبار المعركة.
الإعراب: "كهز" جار ومجرور خبر لمبتدأ محذوف, "الرديني" مضاف إليه من إضافة المصدر لفاعله، والمشبه اهتزاز فرس كانت تحت الممدوح, "تحت" ظرف مكان منصوب بهز, "العجاج" مضاف إليه, "جرى" فعل ماض فاعله يعود على الهز, "ثم" حرف عطف بمعنى الفاء, "اضطرب" فعل ماض مبني على الفتح وسكن للروِيّ.
الشاهد فيه: "ثم اضطرب", فإن "ثم" هنا بمعنى الفاء؛ لأن اضطراب الرمح يحدث عقب اهتزاز أنابيبه مباشرة في لحظات من غير مهلة. مواضعه: ذكره من شراح الألفية: الأشموني ٤١٨/ ٢، وابن هشام ١٧٣/ ٣، والسيوطي ص٩٧، وابن الناظم، وذكره ابن هشام في المغني ١٠٨/ ١، والسيوطي في الهمع ١٣١/ ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>