للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن الفصاحة والبلاغة والبيان والبراعة ألفاظ مترادفة لا تتصف بها المفردات، وإنما يوصف بها الكلام بعد توخي١ معاني النحو فيما بين الكلم بحسب الأغراض التي يصاغ لها، وإلى ذلك أشار في دلائل الإعجاز في مواضع عدة منها قوله: "فصل في تحقيق القول على البلاغة والفصاحة والبيان والبراعة, وكل ما شاكل ذلك مما يعبر عن فضل بعض القائلين على بعض, من حيث نطقوا وتكلموا وأخبروا السامعين عن الأغراض والمقاصد، ومن المعلوم أنه لا معنى لهذه العبارات, وسائر ما يجري مجراها, مما يفرد فيه اللفظ بالنعت والصفة وينسب فيه الفضل والمزية إليه، غير وصف الكلام بحسن الدلالة وتمامها فيما له كانت دلالة" ثم قال: "ولا جهة لاستعمال هذه الخصال غير أن يؤتى المعنى من الجهة التي هي أصح لتأديته, ويختار له اللفظ الذي هو أخص به وأكشف عنه وأتم له, وأحرى بأن يكسبه نبلا ويظهر فيه مزية".

وقال قبله أبو هلال العسكري في الصناعتين: "الفصاحة والبلاغة ترجعان إلى معنى واحد, وإن اختلف أصلاهما؛ لأن كل واحد منهما إنما هو الإبانة على المعنى والإظهار له".

وقال الفخر الرازي في نهاية الإيجاز: وأكثر البلغاء لا يكادون يفرقون بين البلاغة والفصاحة بل يستعملونها استعمال الشيئين المترادفين على معنى واحد في تسوية الحكم بينهما.

ويشهد لذلك قول الجوهري في الصحاح: الفصاحة: البلاغة.

وعلى هذا الرأي فمرجعهما وما شاكلهما النظم والكلام دون الألفاظ المجردة والكلمات المفردة.

٢- المتأخرون كأبي يعقوب يوسف السكاكي وابن الأثير، ومن شايعهما، وأولئك يرون إخراج الفصاحة من كَنَفَ٢ البلاغة، ويجعلونها اسما لما كان بنجوة٣ من تنافر الحروف وغرابة الألفاظ ومخالفة القياس، إلى آخر ما سيذكر


١ الطلب والتحري.
٢ الناحية والجانب.
٣ يقال: هو بنجوة من كذا إذا كان بعيدا.

<<  <   >  >>