للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثالث: في أقسامها من حيث الوسائط]

تنقسم الكناية باعتبار الوسائط إلى أقسام أربعة:

١- تعريض١: وهو خلاف التصريح, واصطلاحا ما أشير به إلى غير المعنى بدلالة السياق، كما تقول: المسلم من سلم المسلمون من لسانه، فالمعنى الأصلي انحصار الإسلام فيمن سلم الناس يده ولسانه، والمعنى الكنائي اللازم للمعنى الأصلي انتفاء الإسلام عن المؤذي مطلقا، وهو المعنى المقصود من اللفظ، ويشير بسياقه إلى نفي الإسلام عن المؤذي الذي تكلمت عنده.

ومن لطيف ذلك ما كتبه عمر بن مسعدة وزير المأمون إلى المأمون يوصيه على بعض أصحابه: أما بعد، فقد استشفع بي فلان إلى أمير المؤمنين ليتطول٢ في إلحاقه بنظرائه، فأعلمته بأن أمير المؤمنين لم يجعلني في مراتب المستشفعين، وفي ابتدائه بذلك بعد عن طاعته، فوقع المأمون في كتابه: قد عرفنا نصيحتك له وتعريضك لنفسك وأجبناك إليهما.

٢- تلويح: وهو لغة أن تشير إلى غيرك من بعد واصطلاحا كناية كثرت فيها الوسائط بين اللازم والملزوم، نحو: "أولئك قوم يوقدون نارهم في الوادي" كناية عن بخلهم، فقد انتقل من الإيقاد في الوادي المنخفض، إلى إخفاء النيران، ومن هذا إلى عدم رغبتهم في اهتداء ضيوفهم إليها، ومن ذا إلى بخلهم، ونحوه ما تقدم من قولهم: هو جبان الكلب، ومهزول الفصيل.


١ قد يكون التعريض كناية كما في هذا المثال، وقد يكون مجازا.
٢ يتطول: أي يتكرم من الطول، وهو الفضل والزيادة.

<<  <   >  >>