للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثالث: في الجامع]

لا بد في الضرب الأول والنوع الأول من الضرب الثاني من صور الوصل من وجود جامع بين الجملتين به تتجاذبان وعليه تعتمدان.

بيان هذا أنه لا يقع العطف موقعه ولا يحل المحل اللائق به إلا إذا وجد بين الجملة الأولى والثانية جهة جامعة نحو: محمد يعطي ويمنع، ويكتب ويشعر، ويقبح أن تقول: خرجت من داري، وأحسن ما قيل من الشعر، كذا إذ لا صلة بين الثانية والأولى ولا تعلق لها بها.

والجامع١ إما عقلي أو وهمي أو خيالي، فالعقلي أن يكون بين الجملتين إما:

١- اتحاد في المسند إليه أو في المسند، أو في قيد من قيودهما نحو: محمد يكتب ويشعر، وقوله:

يشقى الناس ويشقى آخرون بهم ... ويسعد الله أقواما بأقوام

وخالد الكاتب أديب ومحمد الكاتب فقيه.

٢- وإما تماثل واشتراك فيهما أو في قيد من قيودهما، ولا يكفي مطلق تماثل بل التماثل, والمراد أن يكون في وصف له نوع اختصاص بالمسند إليه أو المسند أو القيد، فنحو: محمد شاعر وعمر كاتب، إنما يحسن إذا كان محمد وعمر أخوين أو نظيرين أو مشتبكي الأحوال على الجملة.

٣- وإما تضايف بينهما بحيث لا يتعقل أحدهما إلا بالقياس إلى الآخر كالأبوة مع النبوة والعلو مع السفل والأقل مع الأكثر، ونحو ذلك.

والوهمي أن يكون بين الجملتين إما:

١- شبه تماثل كلوني بياض وصفرة، فإن الوهم لبرزهما في معرض المثلين، لكن العقل يعرف أنهما نوعان متباينان داخلان تحت جنس واحد وهو اللون، ومن أجل هذا حسن الجمع بين الثلاثة في قوله:


١ لا بد من وجود الجامع بين المسند إليه في الجملتين، وكذا بين المسند فيهما، فلو وجدت مناسبة بين المسند إليه فهما فقط أو بين المسن فيهما، كذلك لم يكن ذلك كافيا ولم يصح العطف، فقد صرح السكاكي بامتناع عطف قول القائل: خفي ضيق، على قوله: خاتمي ضيق، مع اتخاذ المسند فيهما.

<<  <   >  >>