للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث التاسع: في الكلام على أدوات التشبيه]

أدوات التشبيه هي: الكاف، وكأن، ومثل، ونحوها مما يفيد معنى المماثلة والمشابهة، نحو: {فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ} ، {كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ} ، {إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ} ... إلى آخر الآية.

ويفرق بين الكاف وكان بوجوه:

أ- أن الكاف يليها المشبه به١، وكأن يليها المشبه، نحو:

الحليم كالجبل في سكونه ... كأنك سحبان فصاحة

ب- أن الكاف تدل دائما على التشبيه، وكأن تفيد التشبيه، إذا كان خبرها جامدا أو مؤولا به، نحو:

وكأن دجلة إذ تلاطم موجها ... ملك يعظم خيفة ويبجل

وتفيد الشك إذا كان خبرها مشتقا، نحو:

كأنك قائم فيهم خطيبا ... وكلهم قيام للصلاة

جـ- التشبيه بكأن أبلغ من التشبيه بالكاف، لما فيه من التوكيد، لتركبها من: الكاف، وأن.

وقد ينوب عن الأداة ويغني عنها فعل من أفعال اليقين٢ أو الرجحان كعلم وظن وحسب، ويكون منبئا عن حال التشبيه في القرب أو البعد، ولا يعتبر أداة، بل الأداة محذوفة، كقوله:

قوم إذا لبسوا الدروع حسبتها ... سجا مزردة على أقمار٣


١ قد يليها غير المشبهة به إذا كان التشبيه مركبا نحو: {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ} .. الآية، إذ ليس المراد تشبيه حال الدنيا، ولا بمفرد آخر يتحمل تقديره، بل المراد تشبيه حالها في نضارتها وبهجتها وما يعقبها من الهلاك والفناء بحال النبات يكون أخضر ثم يهيج فتطيره الرياح كأن لم يكن.
٢ إذا ادعى فيه كمال المشابهة وألفاظ الرجحان أن بعد التشبيه، لما في الحسبان ونحوه من عدم التيقن.
٣ الدرع ثوب ينسج من زرد الحديد يلبس في الحرب للوقاية، والسحب: جمع سحابة، والمزردة المنسوجة.

<<  <   >  >>