للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بعض غير معين من جملة أفراد الحقيقة، وأما المعرف باللام فمعناه نفس الحقيقة، وتستفاد البعضية من القرائن كالأكل في الآية، وإذًا فالمجرد وذو اللام مع القرينة١ سواء، وبالنظر إلى أنفسهما مختلفان.

٦- لام الحقيقة، في ضمن جميع الأفراد التي يتناولها اللفظ بحسب اللغة، وتسمى لام الاستغراق الحقيقي، ودليل الشمول والاستغراق، إما:

أ- قرينة خالية نحو: {عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ} ٢، أي: كل غيب وشهادة.

ب- قرينة مقالية نحو: {إِنَّ الإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} ٣، أي: كل إنسان، بدليل الاستثناء الذي هو علامة إرادة العموم، إذ شرطه دخول المستثنى في المستثنى منه، لو لم يذكر.

٧- لام الحقيقة في ضمن جميع الأفراد التي يتناولها اللفظ بحسب متفاهم العرف كما تقول: جمع الملك الوزراء وألقى عليهم نصائح ذهبية، فإن المقصود وزراء مملكته، لا وزراء العالم أجمع.

"تنبيه": من القضايا المشهورة قولهم "استغراق المفرد أشمل"، ومعنى ذلك أن اسم الجنس المفرد إذ دخلت عليه أداة الاستغراق كحرف التعريف أو النفي كان شموله للأفراد وتناوله إياها أكثر من شمول المثنى والجمع الداخلة عليهما تلك الأداة.

بيان ذلك أن المفرد يتناول كل واحد من الأفراد، والمثنى إنما يتناول كل اثنين اثنين، والجمع إنما يتناول كل جماعة جماعة، ودليل ذلك صحة قولك: لا رجال في الدار، إذا كان فيها رجل أو رجلان، وعدم صحة قولك: لا رجل إذا كان فيها واحد أو اثنان من هذا الجنس، وهذه القضية ليست بصحيحة على عمومها، وإنما تصح في النكرة المنفية دون الجمع المعرف باللام؛ لأن المعرف بلام الاسغراق يتناول كل واحد من الأفراد، بل هو في المفرد أقوى كما دل عليه الاستقراء وصرح به أئمة اللغة وعلماء التفسير في كل ما وقع في القرآن الكريم، نحو: {أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} ٤، {وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} ٥، {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا} ٦، إلى غير ذلك مما لا يحصى.


١ في أن كلا منهما يفيد بعضا غير معين وضعا في النكرة وبالقرينة في ذي اللام.
٢ سورة التوبة الآية: ٩٤.
٣ سورة العصر الآية: ٢.
٤ سورة آل عمران الآية: ١٣٤.
٥ سورة آل عمران الآية: ١٤٨.
٦ سورة البقرة الآية: ٣١.

<<  <   >  >>