للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذا وقد علم بالاستقراء أن أحسن موقع تستعمل فيه إنما إذا كان الغرض منها التعريض بأمر هو مقتضى معنى الكلام بعدها نحو: {إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ} ، فإنه تعريض بذم الكافرين من حيث إنهم من فرط العناد وغلبة الهوى عليهم في حكم من ليس بذي عقل فأنتم في طمعكم منهم أن ينظروا ويتذكروا كمن طمع في ذلك من غير أولي الألباب, ونظيره: {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا} ١ إذ المراد أن من لم تكن له من هذه الخشية، فكأنه ليس له أذن تسمع، ولا قلب يعقل، فالإنذار وعدمه سيان. وعلى ذلك جاء قوله:

أنا لم أرزق محبتها ... إنما للعبد ما رزقا

فهذا تعريض بأنه لا مطمع له في وصلها فهو يائس منه:

٦- لأنما مزية على العطف، وهي أن يعقل منها إثبات الفعل للشيء ونفيه عن غيره دفعة واحدة بخلاف العطف، فإنه يفهم منه أولا الإثبات ثم النفي، نحو: محمد قائم لا قاعد، أو بالعكس نحو: ما محمد قائما بل قاعد.


١ سورة النازعات الآية: ٤٥.

<<  <   >  >>