للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ووجه حسنه إبراز الكلام في معرض الاعتدال، نظرا إلى إطنابه من وجه، وإيجازه من وجه آخر، إلى إيهام الجمع بين المنافقين.

والتوشيع١ وهو أن يؤتى في عجز الكلام بمثنى مفسر باسمين، أحدهما معطوف على الآخر، نحو قوله عليه السلام: "خصلتان لا تجتمعان في مؤمن، البخل وسوء الخلق"، وقول ابن الرومي يمدح عبد الله بن وهب:

إذا أبو القاسم جادت لنا يده ... لم يحمد الأجودان البحر والمطر

وإن أضاءت لنا أنوار غرته ... تضاءل النيران الشمس والقمر

٢- ذكر الخاص بعد العام تنبيها إلى ما له من المزية حتى كأنه ليس من جنس العام، وتنزيلا للتغاير في الوصف منزلة التغاير في الذات كقوله تعالى: {مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ} ٢، فذكر جبريل وميكايل مع دخولهما في الملائكة، للتنبيه على زيادة فضلهما.

٣- التكرير، وقد جاء في القرآن الكريم، وكلام العرب منه شيء كثير، ويكون إما:

أ- للتأكيد كقوله تعالى: {كَلَّا سَيَعْلَمُونَ، ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ} ٣، وقوله: كم نعمة كانت لكم كم كم وكم.

ب- لزيادة التنبيه إلى ما ينفي التهمة ليكمل تلقي الكلام بالقبول، نحو: {وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ ٤ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ} ٥، يا قوم إنما هذه الحياة الدنيا متاع.

جـ- لتعدد المتعلق، كما كرر الله عز وجل في سورة الرحمن قوله تعالى: {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} ٦ لأنه تعالى عدد فيها نعماءه وذكر عباده آلاءه،


١ لغة لف القطن المندوف.
٢ سورة البقرة الآية: ٩٨.
٣ سورة النبأ الآيتان: ٤ و٥.
٤ إذ تكرار يا قوم مع إضافة إلى ياء المتكلم يفيد بعد القائل عن التهمة في النصح إذ إنهم قومه، فلا يريد لهم إلا ما يريده لنفسه.
٥ سورة غافر الآية: ٣٨.
٦ سورة الرحمن الآية: ١٦.

<<  <   >  >>