هو أن يدعي شاعر وناثر لشيء علة مناسبة غير العلة الحقيقية على جهة الاستظراف وذلك لإيهام تحقيقه وتقريره من قبل أن الشيء معللا آكد في النفس من إثباته مجردا عن التعليل.
وأقسامه أربعة: لأن الوصف إما ثابت قصد بيان علته، أو غير ثابت أريد إثباته، والثابت إما ألا يظهر له علة في العادة، أو يظهر له علة غير المذكورة، وغير الثابت إما ممكن أو غير ممكن.
١- فالأول، كقول أبي تمام:
لا تنكري عطل الكريم من الغنى ... فالسيل حرب للمكان العالي
فقد جل علة حرمان الكريم من الغنى هي العلة التي من أجلها حرم المكان العالي السيل، فكما أن العلو هو السبب في حرمان المكان العالي كذلك علو قدر الكريم هو المانع له من الغنى الذي هو كالسيل في حاجة الخلق إليه.
ومما جاء بديعا نادرا من هذا الضرب قول أبي هلال العسكري:
زعم البنفسج أنه كعذاره ... حسنا فسلوا من قفاه لسانه
فخروج ورقة البنفسج إلى الخلف مما لا تظهر علته، لكنه جعلها الافتراء على المحبوب.
٢- والثاني، كقول المتنبي:
ما به قتل أعاديه ولكن ... يتقي إخلاف ما ترجو الذئاب
جرت العادة بأن الملوك إنما يقتلون أعداءهم ليسلموا من أذاهم وضرهم، لكن أبا الطيب اخترع سببا غريبا وتخيل أن الباعث له على قتل الأعادي لم يكن إلا محبته لإجابة من يطلب الإحسان، فهو قد فتك بهم لعلمه علم اليقين بأنه إذا غدا للحرب رجت الذئاب والوحوش الضواري أن يتسع عليها رزقها١، وتنال من علوم أعدائه القتلى، فما أراد أن يخيب لها مطلبا، ومن لطيف هذا النوع قول ابن المعتز:
١ يستفاد من ذلك ضمنا أنه ليس من المسرفين في القتل تشفيا وانتقاما.