للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد تفيد الاستمرار التجددي شيئا فشيئا بمعونة القرائن إذا كان الفعل مضارعا، ومن البين في ذلك قوله تعالى: {إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ} ١، فالقصد الدلالة على حدوث التسبيح من الجبال آنا إثر آن، وحالا بعد حال. ونحوه قول طريف بن تميم العنبري يتمدح بجرأته وشجاعته:

أوكلما وردت عكاظ قبيلة ... بعثوا إلى عريفهم يتوسم٢

إذ يريد أن كل قبيلة ترد سوق عكاظ تبعث عريفها ليتفرس في وجوه القوم مرة بعد أخرى، ويتوسمها وقتا بعد وقت، لعله يهتدي إلى معرفتي. وقول المتنبي:

تدبر شرق الأرض والغرب كفه ... وليس لها يوما عن الجود شاغل

فقرينة المدح تدل على أن تدبير الملك ديدنه وحاله المستمرة التي لا يحيد عنها.

تنبيهات:

١- الجملة الاسمية إنما تفيد الدوام والثبات بقرينة المقام إذا كان خبرها مفردا أو جملة اسمية، نحو: محمد كريم، علي أبوه جواد. أما إذا كان خبرها فعلية فإنها تفيد التجدد.

٢- المسند تارة يكون مفردا فعلا كان أو اسما، وطورا يكون ظرفا للاختصار، نحو: البركة في البكور. وحينا يكون جملة للأسباب الآتية:

أ- إذا قصد تقوية الحكم بتكرير الإسناد، نحو قول المتنبي:

والله يسعد كل يوم جده ... ويزيد من أعدائه في آله

ب- إذا قصد قصر الحكم وتخصصه بالمسند، نحو: أنا سعيت في حاجتك، أي: لا غيري.

جـ- إذا كان سببيا أي: جملة معلقة على مبتدأ بعائد لا يكون مسندا إليه في تلك الجملة، نحو: محمد أخوه نبيه, إبراهيم نجح ابنه.


١ سورة ص الآية: ١٨.
٢ عكاظ أكبر الأسواق العربية التي كانت من أسباب تهذيب اللغة، وفيها كانوا يجتمعون للتفاخر وللتنافر ليلا ولتصريف المتاجر نهارا.

<<  <   >  >>