للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من ذلك- يرى أن فقدان هذه الحركة في كلمةٍ ما, لا بد أن يؤثر في توجيه فهمها، حتى ليوشك أن يعتبر الحركات الإعرابية جزءًا من بنية الكلمة، فيقول: "وكما لا نسأل عن عين "عِظْلِم"١, وجيم "جعفر", وباء "برثن", لم فتحت هذه, وضمت هذه, وكسرت هذه، فكذلك أيضًا لا نسأل عن رفع "زيد". فإن قيل: "زيد" متغير الآخر، قيل: كذلك "عِظْلِم" يقال في تصغيره بالضم، وفي جمعه "فعالل" بالفتح, فإن قيل: للام أحوال يرفع فيها وأحوال ينصب فيها وأحوال يخفض فيها، قيل: إذا كانت تلك الأحوال معلومة بالعلل الأولى: الرفع بكونه فاعلًا, أو مبتدأ, أو خبرًا, أو مفعولًالم يُسَمَّ فاعله؛ والنصب بكونه مفعولًا، والخفض بكون مضافًا إليه، صار الآخر كالحرف الأول الذي يضم في حالٍ، ويفتح في حالٍ، ويكسر في حالٍ، يكسر في حال الإفراد, ويفتح في حال الجمع، ويضم في حال التصغير"٢.

وقد يكون القياس ابن مضاء الحركة الإعرابية على الحركة التي تكون جزءًا من بنية الكلمة قياسًا مع الفارق؛ وقد يكون في كلامه شيء من المغالطة أوقعه فيه حبه للنحو وولوعه بالإعراب، ولكن المغالطة الشديدة تتمثل في مذهب من يقول: "يكفي للبرهنة على أن لا علاقة بين معاني الكلام وحركات الإعراب أن نقرأ خبرًا صغيرًا في الصحف على رجل لم يتصل بالنحو أيَّ نوعٍ من الاتصال، فسنرى أنه يفهم معناه تمام الفهم مهما تعمدنا الخلط في إعراب كلماته، برفع المنصوب ونصب المرفوع أو جره.. إلخ"٣, وإنما كانت هذه مغالطة لا تحتمل،


١ العظلم "كزبرج" الليل المظلم، وعصارة شجر, أو نبت يصبغ به.
٢ الرد على النحاة ١٦٠-١٦١.
٣ إبراهيم أنيس، من أسرار اللغة، ص١٦٠-١٦١.

<<  <   >  >>