للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تباعد المخرج شريطة تقارب الصفة١. فالمعول في باب الإبدال -كما قلنا- على المخرج لا على الصفة، ولو تقيد اللغويون بهذا الشرط الهام لجاءت شواهدهم على الإبدال اللغوي قليلة في العدد ثقيلة في الميزان، ولكانت مثل أكثر الشواهد التي ذكرها ابن جني في "الخصائص" أقوى من أن ترد وأمتن من أن تنقض!

ذلك بأن ابن جني -على ولوعه بتصاقب الألفاظ لتصاقب المعاني- لم يذكر من صور الإبدال إلا ما تقارب مخرجًا، بل ما تآخى مخرجًا، حتى كان يعلل هذا التقارب بقوله في الأحرف المبدل منها: "إنها أخوات الأحرف المبدلة"، ولم يكد ينسى هذه العبارة التقليدية في شيء مما أورده من صور الإبدال. وما رأيناه يجري مجرى البدل مثل يدب ويدح؛ لأن الحاء ليست أخت الباء، ولا مثل جاسوا وحاسوا؛ لأن الجيم ليست أخت الحاء، ولا انداح بطنه واندال؛ لأن الحاء ليست أخت اللام، ولا معده ومعله؛ لأن الدال ليست أخت اللام، وإنما أجري مجرى البدل مثل الأز والهز، والهمزة أخت الهاء، ومثل العسف والأسف، والعين أخت الهمزة٢، والحمس والحبس، والعلم والعلب، والميم أخت الباء٣.


١ ارجع إلى مسوغات الإبدال التي ذكرناها "ص٢١٦-٢١٧"، واقرأ بعناية نقاشنا لها قبل صور الإبدال التي تتبعناها على ترتيب حروف المعجم.
٢ الخصائص ١/ ٥٣٨، وقارن ما نقلناه من قبل بعبارة "الخصائص" نفسها.
٣ الخصائص ١/ ٣٢٩. وإذا مضيت في تتبع ابن جني في جميع ما ذكره في هذا الباب لم نجده مرة واحدة ذهب إلى إبدال حرفين متباعدين. ولا غرو فهو يسمى "تصاقب الألفاظ لتصاقب المعاني" والتصاقب تقارب، بل اتحاد وتمائل.

<<  <   >  >>