للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإعرابي ما دار حول خبر ليس، إذا اقترن "بإلا"؛ فتميم ترفع هذا الخبر حملًا "لليس" على "ما النافية" على حين تنصبه قريش إطلاقًا، ويروون في هذا قصة لا ندري أصحيحة هي أم موضوعة, ولكنها على كل حال صورة واضحة للجدل العلمي حول بعض المعضلات اللغوية؛ ففي "أمالي" القالي١: "حدثنا أبو بكر بن دريد٢, حدثنا أبو حاتم٣ قال: سمعت الأصمعي يقول: جاء عيسى بن عمر الثقفي٤ ونحن عند أبي عمرو بن العلاء فقال: يا أبا عمرو، ما شيء بلغني عنك تجيزه؟ قال: وما هو؟ قال: بلغني أنك تجيز "ليبس الطيب إلّا المسكُ" بالرفع, قال أبو عمر: ذهب بكم يا أبا عمرو! نمت وأدلج الناس، ليس في الأرض حجازيّ إلّا وهو ينصب، ولا في الأرض تميمي إلّا وهو يرفع, ثم قال أبو عمرو: قم يا يحيى -يعني اليزيدي- وأنت يا خلف -يعني: خلفًا الأحمر- فاذهبا إلى أبي المهديّ فلقناه الرفع, فإنه لا يرفع، واذهبا إلى أبي المنتجعه فلقناه النصب فإنه لا ينصب, قال: فذهبا فأتيا أبا المهديّ، فإذ هو يصلي؛ فلما قضى صلاته التفت إلينا وقال: ما خطبكما؟


١ ذيل الأمالي لأبي علي القالي ٣٩, وقد نسخها السيوطي كعادته في المزهر ج٢ ص٢٧٧، والقالي هو أبو علي، إسماعيل بن القاسم، من كبار العلماء في الغريب والأخبار, أخذ من ابن دريد وغيره، ورحل إلى الأندلس, وأشهر كتبه "الأمالي والنوادر" وهو مطبوع ومعروف, توفي سة ٣٥٦هـ.
٢ ابن دريد هو محمد بن الحسن، أبو بكر، من كبار أئمة العربية, توفي سنة ٣٢١هـ, وأشهر كتبه "الجمهرة"، وقد طبع في حيدر آباد بين سنتى ١٣٤٤-١٣٥٣هـ, وطبع كذلك كتابه "الاشتقاق" بعناية المستشرق وستنفلد سنة ١٨٥٣هـ.
٣ هو سهل بن محمد السجستاني, من كبار أئمة اللغة, كان المبرد يلازم القراءة عليه, له نيف وثلاثون كتابًا، طبع بعضها ككتاب "المعمرين" وكتاب "النخلة", توفي سنة ٢٤٨هـ "الوفيات ١/ ٢١٨".
٤ نحويّ كان يتقعر في كلامه, توفي سنة ١٤٩هـ.

<<  <   >  >>