للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

جعلهم يتميزون من سائر العرب بميزات أفادوها من هذا الاختلاط؛ فتعلم فريق منهم الكتابة من الحيرة ونشروها لما رجعوا إلى بلادهم, فكان في مكة والطائف عدد يسير يحسنون الكتابة١. ويذكرون أنه كان لبشر أخي أكيدر بن عبد الملك صاحب دومة الجندل صحبة بحرب بن أمية التاجر القرشي الكبير؛ لتجارته عندهم في بلاد العراق, فتعلم حرب منه الكتابة ثم سافر معه بشر إلى مكة فتزوج الصهباء بنت حرب، فتعلم منه جماعة من أهل مكة, فبهذا كثر من يكتب بمكة من قريش قبل الإسلام. ولذلك قال رجل كندي من أهل دومة الجندل يمنّ على قريش بذلك:

لا تجحدوا نعماء "بشر" عليكم ... فقد كان ميمون النقيبة أزهرا

أتاكم بخط الجزم حتى حفظتم ... من المال ما قد كان شتى مبعثرا

وأتقنتم ما كان بالمال مهملا ... وطامنتم ما كان منه منفرا

فأجريتم الأقلام عودا وبدأة ... وضاهيتم كتاب كسرى وقيصرا

وأغنيتم عن مسند الحي حمير ... وما زبرت في الصحف أقيال حميرا٢


١ انظر بلوغ الأرب ٣/ ٣٦٨ وما بعدها. ولما دوّن عمر الديون أمر عقيل بن أبي طالب ومخرمة بن نوفل وجبير بن مطعم وكانوا من كتّاب قريش فكتبوا ديوان الجند، فلولا التجارة ما كان لقريش هؤلاء الكتاب المخضرمون.
٢ انظر المزهر للسيوطي "النوع الثاني والأربعون ٢/ ٣٤٦, طبعة عيسى الحلبي" الأولى.

<<  <   >  >>