حين توهى "اقتصادياته", فأرسل الرسول -صلى الله عليه وسلم- سرية عليها عبد الله بن جحش أميرا؛ لتتعرض لعير قريش، وكانت راجعة من الشام فترصدوها بموضع بين مكة والطائف يعرف بنخلة، وكان في العير العلاء بن الحضرمي، فلما مرت بهم حملوا على من فيها واحتجزوا الأموال وكانت زبيبا وأدما وتجارة من تجارة قريش. فقتل من حامية القافلة من قتل، وأسر من أسر, وقوى الله المسلمين بما غنموا من عدوهم الذي أخرجهم من ديارهم وأبنائهم، وبلغ الخبر قريشا فكانت الأذية منهم بالغة.
وكان السبب في استدراج المسلمين قريشا إلى المعركة الحاسمة بين الإسلام والشرك في بدر الكبرى تجاريا أيضا: فإن قريشا أقبلت لها عير من الشام عليها أبو سفيان في ثلاثين راكبا، وكان فيها معظم أموالهم، قدرها المؤرخون بخمسين ألف دينار، وقالوا:"لم يبق قرشي ولا قرشية له مثقال إلا بعث به في العير". وبلغ النبي -صلى الله عليه وسلم- خبرها فتجهز ليتعرض لها، ولكن أبا سفيان أخذ على الساحل فنجا بها بعد أن أرسل إليهم نذيرا ضمضم بن عمرو الغفاري يستنفرهم إلى العير.
فجدع هذا أنف بعيره وحول رحله وشق قميصه من قبل ومن دبر وصرخ في أهل مكة: إن محمدا مع أصحابه قد عرض لعير قريش،