يا معشر قريش! اللطيمة اللطيمة، أموالكم مع أبي سفيان قد عرض لها محمد في أصحابه، ما أرى أن تدركوها، الغوث الغوث ...
فنهضوا وقالوا:"أيظن محمد وأصحابه أن تكون كعير ابن الحضرمي، كلا والله، ليعلمن غير ذلك". وخرجوا ألفا بين فارس وراجل، كل من قدر على النهوض نهض ومن لم يستطع أرسل بماله وسلاحه من يقوم مقامه. وكان كل ذي خطر إما في العير مع أبي سفيان، وإما في النفير إلى بدر، وصاروا بعد ذلك إذا استصغروا أحدا قالوا:"لا في العير ولا في النفير" فأرسلوها مثلا في الناس.
ثم نجت العير، والتقى الجمعان في بدر الكبرى وكان من أمرهم ما يعلم الجميع. وقرر كبراء قريش أن ترصد أرباح العير للتجهيز لغزو محمد؛ ثأرا لقتلى بدر.
وطفق الرسول -عليه الصلاة والسلام- يبث سراياه، وأشفقت قريش من ذلك؛ إذ تتعطل تجاراتهم إذا لم تكن الطريق آمنة، وطريقهم المسلوكة المعبدة هي الطريق المساحلة إلى الشام وإلى اليمن، وقد أصبحت غير مأمونة بعد أن صارت كتائب المسلمين تترصد قوافل التجارة المكية، وأشفق أيضا القبائل المقيمة على هذا الطريق حول المدينة إلى مكة؛ إذ بانقطاع هذا الطريق التجاري موت لهم. وأيا كان, فقد فكرت قريش