في تغيير الطريق وسلوك طريق نجد فالعراق؛ لبعده عن منطقة الحصار الذي ضربه المسلمون على تجارة مكة. وقد قال صفوان بن أمية يوما في أحد منتديات قريش:"إن محمدا وأصحابه قد عوّروا علينا متجرنا, فما ندري كيف نصنع بأصحابه وهم لا يبرحون الساحل، وأهل الساحل قد وادعوه ودخل عامتهم معه, فما ندري أين نسكن؟! وإن أقمنا في دارنا هذه أكلنا رءوس أموالنا فلم يكن لها من بقاء, وإنما حياتنا بمكة على التجارة إلى الشام في الصيف وإلى الحبشة في الشتاء".
فأشير على قريش أن تسلك طريق العراق، فخرجت عيرهم مثقلة بالعروض والفضة، وبلغ أمرها النبي فأرسل زيد بن حارثة في سرية اعترضت العير عند "القردة" أحد مياه نجد, فغنم العير وأسر الدليل.
كان هذا الحصار الاقتصادي الذي أحكمه الرسول أهم الممهدات لفتح مكة فيما بعد؛ إذ أضعف من قوة قريش الاقتصادية. وإنما قريش بتجارتها وأموالها، فإذا فقدت مكانتها التجارية فقد هوى شأنها بين العرب؛ ولذلك عادت تفكر في رفع هذا الحصار عنها في محاولات لم تنته بالنجاح. ولعل أشد ما أحمى قريشا في موقفها من الرسول وصحبه في مفاوضات الحديبية خوفها أن تفقد مكة ما عرفت به من حرمة وأمن إذا اقتحمها عليهم محمد -صلى الله عليه وسلم- عنوة، فلا تعود العرب تقصدها للتجارة