للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

في معرفة أرباحهم التجارية١ لنقدر نحن بعد ذلك الأمد الذي بلغوه في الثروة, قالوا: إن قريشا لما رجعوا من هزيمة بدر إلى مكة، وقد أصيب أصحاب القليب ورجع أبو سفيان بعيره "سالمة" مشى جماعة من أشراف قريش ممن أصيب آباؤهم وإخوانهم وأبناؤهم يوم بدر فقالوا: "يا معشر قريش, إن محمدا وتركم وقتل خياركم, فأعينونا بهذا المال على حربه" يعنون: عير أبي سفيان ومن كانت له في تلك العير تجارة، والعير -كما تقدم من عادتهم- تنزل أول ما تنزل في دار الندوة حتى يتفق أصحابها على إخراجها للبيع، فائتمر القرشيون وشركاؤهم أن ينفقوا ربح هذه العير على تجهيز جيش يحاربون به محمدا صلى الله عليه وسلم، وكانت ألف بعير موقرة بما قيمته خمسون ألف دينار، وكانوا يربحون بكل دينار دينارا -على ما نقل الزرقاني- فيكون ما أُنفق على هذا الجيش خمسين ألف دينار أو -على رواية المقل- خمسة وعشرين ألف دينار. وهو على كل حال مبلغ ضخم جدا، وكان عدد من استأجرهم أبو سفيان


١ كانت هذه التجارة التي تبعث بها مكة والطائف جميعا، والتي كانت تجيء إلى مكة من بلاد الجنوب، تجارة واسعة النطاق، حتى لقد كانت بعض القوافل تسير في ألفي بعير، حمولتها تزيد على خمسين ألف دينار. وكانت صادرات مكة السنوية على ما قدرها المستشرق "سبرنجر" توازي مائتين وخمسين ألفا من الدنانير, أي: نحو مائة وستين ألف جنيه ذهبا. حياة محمد ص٢٤٠.

<<  <   >  >>