للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وهجيراهم في مجالسهم وأسمارهم، الكبير منهم والصغير والرجل والمرأة سواء، كلٌّ يسهم في العير بما يستطيع، وله من الربح على قدر ماله. كانوا يذهبون راحلين إلى اليمن أو إلى الشام أو إلى العراق, حتى جعلوا لأنفسهم محطات ومنازل خاصة بأصحابها على طول الطريق١، كل أسرة ترسل من أفرادها من استطاع، ولا يكادون يُعرفون في العرب بعمل غير التجارة وما إليها من معاملات٢.


١ جاء في تفسير الطبري: لما نزلت آية الاستئذان في البيوت, قال أبو بكر: "يا رسول الله، فكيف بتجار قريش الذين يختلفون بين مكة والمدينة والشام ولهم بيوت معلومة على الطريق, فكيف يستأذنون ويسلمون وليس فيها سكان؟ " فنزل: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ} [النور: الآيتان ٢٨، ٢٩] .
٢ أضاف الزمن على تاريخ قريش هذا ثوبا من التقديس لمكان النبوة منهم، فكان كثير من علماء المسلمين ومتكلميهم يسبغون على قريش ألوانا من الإجلال والتعظيم؛ لما تكنه قلوبهم لنفر النبي صلى الله عليه وسلم، وصرنا نسمع كثيرا من مثل قول الشاعر:
فأصبحوا قد أعاد الله نعمتهم ... إذ هم قريش وإذ ما مثلهم بشر
ومثل قول أبي تمام:
تلكم قريش لم تكن آباؤها ... تهفو ولا أحلامها تتقسم
حتى إذا بعث النبي محمد ... فيهم غدت شحناؤهم تتضرم
عزبت عقولهم وما من معشر ... إلا وهم منهم ألب وأحزم
=

<<  <   >  >>