١- قال العتبي: شهدت مجلس عمرو بن عتبة وفيه ناس من القرشيين فتشاجروا في مواريث وتجاحدوا، فلما قاموا من عنده أقبل علينا فقال: "إن لقريش درجا تزلق عنها أقدام الرجال، وأفعالا نخضع لها رقاب الأموال, وغايات تقصر عنها الجياد المنسوبة، وألسنة تكل عنها الشفار المشحوذة، ولو احتفلت الدنيا ما تزينت إلا بهم، ولو كانت لهم ضاقت بسعة أخلاقهم". "العقد الفريد ٢/ ٢٠٨". ٢- قال الجاحظ: "قد علم الناس كيف كرم قريش وسخاؤها، وكيف عقولها ودهاؤها، وكيف رأيها وذكاؤها، وكيف سياستها وتدبيرها، وكيف إيجازها وتحبيرها، وكيف رجاحة أحلامها إذا خف الحليم، وحدة أذهانها إذا كلّ الحديد، وكيف صبرها عند اللقاء، وثباتها في اللأواء، وكيف وفاؤها إذا استحسن الغدر، وكيف جودها إذا حب المال، وكيف ذكرها لأحاديث غد، وقلة صدودها عن جهة القصد، وكيف إقرارها بالحق وصبرها عليه، وكيف وصفها له، ودعاؤها إليه، وكيف سماحة أخلاقها وصونها لأعراقها، وكيف وصلوا قديمهم بحديثهم، وطريفهم بتليدهم، وكيف أشبه علانيتهم سرهم، وقولهم فعلهم، وهل سلامة صدر أحدهم إلا على قدر بعد غوره؟ وهل غفلته إلا في وزن صدق ظنه؟ وهل ظنه إلا كيقين غيره؟ بل, قد علم الناس كيف جمالها وقوامها، وكيف نماؤها وبهاؤها، وكيف سَرْوها ونجابتها، وكيف بيانها وجهارتها، وكيف تفكيرها وبداهتها. =