المذهب إلى الواقع ما ذكره صاحب القاموس من أن سبب تسميته بذلك؛ لأنهم تحالفوا ألا يتركوا عند أحد فضلا يظلمه أحدا إلا أخذوه له منه.
وهذا هو الصحيح لوضوحه وقربه, ولأن ثمرة الحلف كله هي رد الفضول لأهلها.
ومن يتدبر الأسباب التي تكلفها الرواة فجعلوها كمقدمات لعقده, ويمحصها يجد أن الداعي الأول له حرص قريش على سمعة بلدهم التجارية أن تثلم بين العرب, فتتزعزع ثقتهم بقريش وبلدهم. وليس يظفر من كل تلك الأسباب المذكورة بالقبول إلا ما تقدم, فإن الحوادث وحالة مكة وأمور قريش يومذاك تؤيده كل التأييد. ومن البعيد أن يعقد مثل هذا الحلف من أجل ظلامة الزبيدي هذا، من غير أن تتكرر الحوادث المشابهة لها حتى تفاقم الأمر, وألف رجال كثيرون إتيان المظالم.
عظمت قريش أمر حلف الفضول واهتمت به كل الاهتمام, ولم ينقطع أمره بالإسلام بل ظل مستمرا أقوى ما كان قط, وحسبك قول النبي صلى الله عليه وسلم:"ولو أُدعى به في الإسلام لأجبت".
ثم كان يدعو بهذا الحلف كل مظلوم: دافع أبي بن خلف الجمحي بارقيا عن ثمن سلعته, فتظلم هذا قائلا: